الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي فهمناه من السؤال هو أنك تستشيرنا في البقاء مع كفيلك، مع ما ذكرت عنه من خلف الوعد، أو الانتقال إلى بلدك مع خشيتك من قطع رزقك.
وإذا كان كذلك: فالذي نشير به عليك هو أن تسأل أهل النصح من أقربائك، وأصدقائك، وذوي المعرفة بحال البلد هنا وهناك، وأن تستخير الله تعالى الاستخارة الشرعية، وهي أن تصلي ركعتين من غير الفريضة، وتدعو بدعاء مخصوص، ففي صحيح البخاري من طريق جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها، كما يعلمنا السورة من القرآن، يقول: إذا همّ أحدكم بالأمر، فليركع ركعتين من غير الفريضة، ثم ليقل: اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني، ومعاشي، وعاقبة أمري، أو قال عاجل أمري، وآجله، فاقدره لي، ويسره لي، ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني، ومعاشي، وعاقبة أمري، أو قال في عاجل أمري، وآجله، فاصرفه عني، واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان، ثم أرضني، قال ويسمي حاجته.
ويمكنك أن تبحث عن عمل مع غيره، كما أشار هو عليك بذلك، وأ كثر من الاستغفار، فقد قال صلى الله عليه وسلم: من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجًا، ومن كل همٍّ فرجًا، ورزقه من حيث لا يحتسب. رواه أبو داود.
وكذلك الدعاء، ولا سيما ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في سنن أبي داود عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم المسجد، فإذا هو برجل من الأنصار يُقال له أبو أمامة، فقال: يا أبا أُمامة، مالي أرَاك جالِسًا في المسجد في غير وقت صلاة؟ قال: هموم لزمتني، وديون، يا رسول الله، قال: أفلا أُعلمك كلامًا إذا قلته أذهب الله همَّك، وقضى عنك دينك؟ قلت: بلى، يا رسول الله، قال: قل إذا أصبحت، وإذا أمسيت: اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، وأعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من الجبن والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال، قال: ففعلتُ ذلك، فأذهب الله تعالى همي، وقضى عني ديني.
وننبهك على أن انتقالك لبلدك، أو بحثك عن عمل مع غير كفيلك ليس فيه قطع لرزقك: فالرزق مضمون أينما كان المرء، وأينما اتجه ،ولا أحد من البشر يقدر على قطع رزق قسمه الله لعبده، فالله تعالى هو الرزاق، كما قال سبحانه: إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ { الذاريات: 58}. وقال عز وجل: قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ {سبأ: 24}. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن روح القدس نفث في روعي أن نفسًا لن تموت حتى تستكمل أجلها، وتستوعب رزقها. رواه أبو نعيم، وصححه الألباني.
ولكن إيماننا بذلك، وتوكلنا على الله لا ينافي بذل الأ سباب، كما بينا في الفتويين رقم: 193243 - 180069.
والله أعلم.