الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعدم قبض البائع للثمن في البيع المذكور لا يفسده، ولا يؤثر في صحته، ولا يتوقف تمامه عليه، كما بينا في الفتوى رقم: 108016.
ومن ثم: فما دام الأخ قد رضي في عقد البيع بأن يكون ثمن المتر بـ 250، فليس له رفض البيع، والمطالبة بغير حقه، ولا اعتبار بعدم قبضه للثمن، فالبيع ماض - كما بينا - وله نصيبه من الثمن - كما اتفق عليه في العقد - إلا إن ادعى أنه غبن في الثمن غبنًا فاحشًا، وكان مسترسلًا، أي: اشترى دون مساومة، ولا يحسن البيع، فينظر في دعواه حينئذ.
وفي الموسوعة الفقهية: الغبن الذي يرد به شرعًا هو الغبن الفاحش، والإطلاق محمول عليه، كلما ذكر في مجال الرد.
والمراد بالغبن الفاحش عند الحنفية، والمالكية في الراجح، والحنابلة في قول، أن العبرة في تقدير الغبن على عادة التجار، وإن اختلفت عباراتهم، فإنها كلها تؤدي إلى هذا المعنى.
وإنما كانت العبرة بتقويم المقومين؛ لأنهم هم الذين يرجع إليهم في العيوب، ونحوها من الأمور التي تقتضي الخبرة في المعاملات.
والقول الثاني لكل من المالكية والحنابلة أن المعتبر في الغبن الثلث، والقول الثالث للمالكية ما زاد على الثلث. انتهى.
وفيها: إذا تحقق أن المغبون مسترسل، وكان الغبن خارجًا عن المعتاد، فللمغبون الخيار بين الفسخ والإمضاء مجانًا، فهذا هو الموجب ليس غير، أي إن أمسك المغبون فيه لم يكن له المطالبة بالأرش؛ وهو هنا مقدار الغبن.
والله أعلم.