الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الردة لا تقع إلا باليقين، ولا تحصل بالوسوسة ما دام صاحبها كارهاً لهذه الوساوس، والواجب عليك هو البعد عن الوسوسة، واعلم أن أنجع وأعظم علاج لها بعد الاستعانة بالله تعالى، وكثرة ذكره، والتقرب إليه بالأعمال الصالحة هو الإعراض عنها وعدم الالتفات إليها أو الاسترسال معها، ومخالفة ما تدعو إليه وتقتضيه، ولا مانع أيضا مع ذلك من مراجعة الطبيب, ويمكنك مراجعة قسم الاستشارات بالشبكة بحالتك, وستجد لديهم ـ إن شاء الله ـ ما تريد من نصح وتوجيه.
ثم نوصيك بالصحبة الصالحة التي تعينك على ذكر الله، وأداء الصلاة في جماعة وتلاوة القرآن، وغير ذلك من الطاعات، وأما الجمع بين نية العبادة ونية بقاء الزوجية فلا ينافي الإخلاص ما دامت نية العبادة هي الغالبة، ولا يأثم من نوى ذلك، وليس هذا من الرياء، فالرياء أن يقصد مدح الناس وتعظيمهم، لكنه لا شك أن تجريد النية دون التفات لغيرها أعظم في الثواب، فقد جاء في قصة إسلام الصحابي الجليل أبي طلحة أن زوجته أم سليم أسلمت قبله فخطبها فقالت: إني قد أسلمت، فإن أسلمت تزوجتك، فأسلم فتزوجته، قال الحافظ ابن حجر: فأما من طلبها ـ أي الزوجة ـ مضمومة إلى الهجرة فإنه يثاب على قصد الهجرة، لكن دون ثواب من أخلص.. ومن أمثلة ذلك ما وقع في قصة إسلام أبي طلحة فيما رواه النسائي عن أنس قال: تزوج أبو طلحة أم سليم فكان صداق ما بينهما الإسلام، أسلمت أم سليم قبل أبي طلحة فخطبها فقالت: إني قد أسلمت فإن أسلمت تزوجتك، فأسلم، فتزوجته، وهو محمول على أنه رغب في الإسلام ودخله من وجهه، وضم إلى ذلك إرادة التزويج المباح، فصار كمن نوى بصومه العبادة والحمية، أو بطوافه العبادة وملازمة الغريم، واختار الغزالي فيما يتعلق بالثواب أنه إن كان القصد الدنيوي هو الأغلب لم يكن فيه أجر، أو الديني أجر بقدره، وإن تساويا فتردد القصد بين الشيئين فلا أجر. اهـ بتصرف يسير.
وجاء في غمز عيون البصائر من كتب الحنفية: لو نوى الصوم والحمية أو التداوي، فالأصح الصحة، لأن الحمية أو التداوي حاصل، قصده أم لا، فلم يجعل قصده تشريكا وتركا للإخلاص، بل هو قصد للعبادة على حسب وقوعها، لأن من ضرورتها حصول الحمية أو التداوي، ولو نوى الصلاة ودفع غريمه صحت صلاته، لأن اشتغاله عن الغريم لا يفتقر إلى قصد. اهـ.
وراجع في وسائل التخلص من الوسوسة الفتاوى التالية أرقامها: 39653، 103404، 97944، 3086، 51601.
والله أعلم.