الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن العفو عن الظالم من أفضل المقامات، وانظر بخصوص فضل العفو الفتويين رقم: 54580 ، ورقم: 54408.
فإن اخترت أن تدعو على من ظلمك فلك ذلك، على ألا تتعدي، فلا تزد في الدعاء عليه على قدر مظلمته لك، قال القرافي في الفروق: وحيث قلنا بجواز الدعاء على الظالم، فلا تدعو عليه بمؤلمة من أنكاد الدنيا لم تقتضها جنايته عليك، بأن يجني عليك جناية فتدعو عليه بأعظم منها فتكون جانياً عليه بالمقدار الزائد، والله تعالى يقول: فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى {البقرة:194} ولا تدعو عليه بملابسة معصية من معاصي الله تعالى، ولا بالكفر صريحاً أو ضمناً. انتهى.
وقال الإمام أحمد: الدعاء قصاص.
وعلى ذلك، فلا نرى جواز الدعاء عليه بما ذكرت في سؤالك من الانتقام منه في صحته ودراسته، لأنه لم يسئ إليك فيما يتعلق بصحتك ولا بدراستك، فهو داخل ـ والله أعلم ـ في التعدي، وكذلك لا يجوز لك الدعاء على أهله ولا الدعاء على والده بزوال منصبه، حيث لم يسئ إليك أهله ولا والده، ولا تزر وازرة وزر أخرى، وإنما يجوز لك أن تدعو عليه فقط بما يناسب مظلمته لك إن كنت لابد فاعلا، كأن تدعو عليه بمن يفعل به مثل ما فعل بك، ففي الفروع لابن مفلح الحنبلي: لو افترى عليه الكذب لم يكن له أن يفتري عليه الكذب، لكن له أن يدعو الله عليه بمن يفتري عليه الكذب نظير ما افتراه وإن كان هذا الافتراء محرما, لأن الله إذا عاقبه بمن يفعل به ذلك لم يقبح منه ولا ظلم فيه, لأنه اعتدى بمثله, وأما من العبد فقبيح ليس له فعله. اهـ.
وإن عفوت عنه فهو أفضل ـ كما سبق ـ كما نوصيك بتحسين علاقتك بأمك، وانظر الفتويين رقم: 51928، ورقم: 112162.
والله أعلم.