الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فبادري ـ أيتها الأخت ـ إلى دعوة تلك المرأة إلى الدخول في الإسلام، فإن أسلمت فاقبلي منها حتى وإن ظننت أنها تريد الدخول فيه لأجل الإقامة والعمل، فالكافر يعطى من الزكاة لأجل ترغيبه في الإسلام وتأليف قلبه, ولعلها أن يحسن إسلامها وتصدق فيه حين تعرف دين الإسلام عن قرب, فاجتهدي في تعريفها دين الإسلام وتقربي إلى الله بالإحسان إليها يكتب لك أجرها، فإن امتنعت فالواجب إخراجها من المدينة امتثالا لأمر النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: أَخْرِجُوا الْمُشْرِكِينَ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ. متفق عليه من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.
قال في عون المعبود: ظَاهِره أَنَّهُ يَجِب إِخْرَاج كُلّ مُشْرِك مِنْ جَزِيرَة الْعَرَب سَوَاء كَانَ يَهُودِيًّا، أَوْ نَصْرَانِيًّا، أَوْ مَجُوسِيًّا. اهـ.
قال ابن قدامة ـ رحمه الله تعالى ـ في المغني: وَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ مِنْهُمْ سُكْنَى الْحِجَازِ, وَبِهَذَا قَالَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ, إلَّا أَنَّ مَالِكًا قَالَ: أَرَى أَنْ يُجْلَوْا مِنْ أَرْضِ الْعَرَبِ كُلِّهَا... وَرَوَى أَبُو دَاوُد ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ عُمَرَ: أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: لَأُخْرِجَنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ، فَلَا أَتْرُكُ فِيهَا إلَّا مُسْلِمًا... وَجَزِيرَةُ الْعَرَبِ مَا بَيْنَ الْوَادِي إلَى أَقْصَى الْيَمَنِ... قَالَ الْخَلِيلُ: إنَّمَا قِيلَ لَهَا جَزِيرَةٌ، لِأَنَّ بَحْرَ الْحَبَشِ وَبَحْرَ فَارِسَ وَالْفُرَاتَ قَدْ أَحَاطَتْ بِهَا، وَنُسِبَتْ إلَى الْعَرَبِ، لِأَنَّهَا أَرْضُهَا وَمَسْكَنُهَا وَمَعْدِنُهَا, وَقَالَ أَحْمَدُ: جَزِيرَةُ الْعَرَبِ الْمَدِينَةُ وَمَا وَالَاهَا, يَعْنِي أَنَّ الْمَمْنُوعَ مِنْ سُكْنَى الْكُفَّارِ الْمَدِينَةُ وَمَا وَالَاهَا، وَهُوَ مَكَّةُ وَالْيَمَامَةُ، وَخَيْبَرُ وَالْيَنْبُعُ وَفَدَكُ وَمَخَالِيفُهَا، وَمَا وَالَاهَا, وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ... اهـ مختصرا.
فأنت ترين ـ أختي السائلة ـ أن المدينة داخلة كلها في جزيرة العرب سواء ما كان منها داخلا أميال الحرم أو خارجها.
والله أعلم.