الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمسح الرأس في الوضوء لا شك في وجوبه, وقد اختلف أهل العلم في القدرالمجزئ في مسحه, وقد ذكرنا تفصيل الخلاف في المسألة وذلك في الفتوى رقم: 50469
والحديث الذي أشرت إليه من أدلة القائلين بعدم وجوب مسح جميع الرأس في الوضوء, وحمله بعض أهل العلم على حالة العذر خاصة بدليل مسح العمامة مع الناصية.
جاء في شرح الزرقاني على موطأ الإمام مالك: ولم ينقل عنه أنه مسح بعض رأسه إلا في حديث المغيرة أنه «مسح على ناصيته وعمامته» رواه مسلم. قال علماؤنا: ولعل ذلك كان لعذر، بدليل أنه لم يكتف بمسح الناصية حتى مسح على العمامة، إذ لو لم يكن مسح كل الرأس واجبا ما مسح على العمامة، واحتجاج المخالف بما صح عن ابن عمر من الاكتفاء بمسح بعض الرأس، ولم يصح عن أحد من الصحابة إنكار ذلك، لا ينهض إذ المختلف فيه لا يجب إنكاره. انتهى.
وما اقتنعت به من وجوب مسح جميع الرأس في الوضوء، هو الأقرب إلى الورع والاحتياط في الدين؛ لما فيه من الخروج من خلاف أهل العلم، وقد قال صلى الله عليه وسلم: دع ما يريبك إلى ما لا يريبك؛ فإن الصدق طمأنينة، وإن الكذب ريبة. رواه الترمذي من حديث الحسن بن علي رضي الله عنهما، وصححه الشيخ الألباني.
والله أعلم.