الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أنه لا يجوز أكل مال المسلم دون رضاه وطيبة نفسه، ولا فرق بين الأب وغيره في هذا الحكم.
وعليه, فإن لم يكن لك على أبيك حق واجب من نفقة، أو دين لم تستطع أن تصل إليه إلا بهذه الحيلة، فما فعلته خيانة للأمانة، واعتداء عليها, فعليك بالاستغفار والتوبة من ذلك, ومن شروط التوبة رد الحقوق إلى أهلها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: على اليد ما أخذت حتى تؤديه. رواه أحمد وأبو داود والترمذي وقال: حسن صحيح. فيجب عليك أن ترد قيمة ما أكلته إلى والدك إن كانت المواد الغذائية مملوكة له.
أما إن كانت مملوكة لعمتك، وكان أبوك مشاركًا في المحل بإدارته فقط، فعليك رد قيمة المواد إلى عمتك.
وإن عجزت عن تقديرها بدقة فعليك رد القدر الذي يغلب على ظنك أنك قد أبرأت به ذمتك.
ولا يشترط في الرد إعلام من تردها إليه بما وقع منك، وإنما يكفيك ردها وتمكينه من قبضها بطريقة لا تضرك, وانظر الفتوى رقم: 21859
واعلم أن ذمتك لا تبرأ إلا برد قيمة تلك المواد إلى مستحقها إلا أن يسامحك.
وأما بناؤكم للبيت، وتلبية أوامر الوالدين، فلا يبرئ ذمتك؛ فإن برك بوالديك واجب عليك مطلقًا، سواء كان في ذمتك حق مالي لهما أم لا, وحق الوالد عظيم، فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يجزي ولد والدًا إلا أن يجده مملوكًا فيشتريه فيعتقه. رواه مسلم.
وأما راتبك اليسير فما دمت قد اتفقت عليه مع والدك، فلا يحق لك أخذ قدر زائد عليه.
والله أعلم.