الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما ذبحه المسلم يجوز أكله عند الجمهور ولو لم يسمِّ بسبب النسيان، قال ابن قدامة عند قول الخرقي في مختصره: مسألة: قال: ومن ترك التسمية على الصيد عامدًا، أو ساهيًا, لم يؤكل, وإن ترك التسمية على الذبيحة عامدًا, لم تؤكل وإن تركها ساهيًا, أكلت ـ أما الصيد: فقد مضى القول فيه.
وأما الذبيحة: فالمشهور من مذهب أحمد, أنها شرط مع الذكر, وتسقط بالسهو، وروي ذلك عن ابن عباس، وبه قال مالك, والثوري, وأبو حنيفة, وإسحاق، وممن أباح ما نسيت التسمية عليه, عطاء, وطاووس, وسعيد بن المسيب, والحسن, وعبد الرحمن بن أبي ليلى, وجعفر بن محمد, وربيعة, وعن أحمد أنها مستحبة غير واجبة في عمد ولا سهو، وبه قال الشافعي؛ لما ذكرنا في الصيد، قال أحمد: إنما قال الله تعالى: وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ {الأنعام: 121 } يعني الميتة، وذكر ذلك عن ابن عباس، ولنا, قول ابن عباس: من نسي التسمية فلا بأس, وروى سعيد بن منصور بإسناده عن راشد بن ربيعة, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ذبيحة المسلم حلال وإن لم يسم, إذا لم يتعمد، ولأنه قول من سمينا, ولم نعرف لهم في الصحابة مخالفًا، وقوله تعالى: وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ {الأنعام: 121 } محمول على ما تركت التسمية عليه عمدًا بدليل قوله: وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ {الأنعام:121} والأكل مما نسيت التسمية عليه ليس بفسق، ويفارق الصيد؛ لأن ذبحه في غير محل, فاعتبرت التسمية تقوية له, والذبيحة بخلاف ذلك. انتهى.
والله أعلم.