الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فقد دل القرآن على أن كل رسول أرسل بكتاب، كما في قوله تعالى: لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ {الحديد: 25}, وقال تعالى: كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ {البقرة: 213}.
قال الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله تعالى -: ونؤمن بأن الله تعالى أنزل مع كل رسول كتابًا؛ لقوله تعالى: لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ. اهـ.
بل ذكر أهل العلم أن إنزال الكتاب فارق بين الرسول وبين النبي, فالرسول أُنزِل عليه كتاب، والنبي لم يُنزَل عليه كتاب، قال الشنقيطي في أضواء البيان: وَاسْتَظْهَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ النَّبِيَّ الَّذِي هُوَ رَسُولٌ أُنْزِلَ إِلَيْهِ كِتَابٌ وَشَرْعٌ مُسْتَقِلٌّ مَعَ الْمُعْجِزَةِ الَّتِي ثَبَتَتْ بِهَا نُبُوَّتُهُ، وَأَنَّ النَّبِيَّ الْمُرْسَلَ الَّذِي هُوَ غَيْرُ الرَّسُولِ، هُوَ مَنْ لَمْ يَنْزِلْ عَلَيْهِ كِتَابٌ، وَإِنَّمَا أُوحِيَ إِلَيْهِ أَنْ يَدْعُوَ النَّاسَ إِلَى شَرِيعَةِ رَسُولٍ قَبْلَهُ، كَأَنْبِيَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ الَّذِينَ كَانُوا يُرْسَلُونَ وَيُؤْمَرُونَ بِالْعَمَلِ بِمَا فِي التَّوْرَاةِ. اهـ.
وقال الدكتور وهبة الزحيلي في تفسيره المسمى: التفسير المنير: والرسول هو: من أوحي إليه بشرع وأمر بتبليغه، وكان معه كتاب فيه شريعته, كموسى عليه السلام، سواء أنزل عليه كتاب مستقل أم كتاب من سبقه, والنبي هو من أوحي إليه بشرع يخبر به عن الله ويخبر به قومه، وليس معه كتاب، كيوشع عليه السلام. اهـ.
وقريب منه قول بدر الدين العيني في شرح البخاري: والتعريف الصَّحِيح أَن الرَّسُول من نزل عَلَيْهِ كتاب, أَو أَتَى إِلَيْهِ ملك, وَالنَّبِيّ من يوقفه الله تَعَالَى على الْأَحْكَام, أَو يتبع رَسُولًا آخر، فَكل رَسُول نَبِي من غير عكس. اهـ.
وأما ما طلبته من شرح الإيمان بالكتب بأسلوب سهل: فيمكننا أن نلخصه لك فيما قال الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله تعالى ـ حيث قال:
1ـ الإيمان بأنها حق من عند الله.
2ـ تصديق أخبارها.
3ـ التزام أحكامها ما لم تنسخ، وعلى هذا، فلا يلزمنا أن نلتزم بأحكام الكتب السابقة؛ لأنها كلها منسوخة بالقرآن، إلا ما أقره القرآن، وكذلك لا يلزمنا العمل بما نسخ في القرآن؛ لأن القرآن فيه أشياء منسوخة.
4ـ الإيمان بما علمناه مُعيَّنا منها، مثل التوراة، والإنجيل، والقرآن، والزبور، وصحف إبراهيم وموسى.
5ـ الإيمان بأن كل رسول أرسله الله معه كتاب، كما قال الله تعالى: لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ ـ وقال عيسى: إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ... اهـ.
وقال عن الإيمان بالرسل:
والإيمان بالرسل يتضمن أربعة أمور:
الأول: الإيمان بأن رسالتهم حق من الله تعالى، فمن كفر برسالة واحد منهم، فقد كفر بالجميع.
الثاني: الإيمان بمن علمنا اسمه منهم باسمه مثل: محمد، وإبراهيم، وموسى، وعيسى، ونوح ـ عليهم الصلاة والسلام.
الثالث: تصديق ما صحَّ عنهم من أخبارهم.
الرابع: العمل بشريعة من أرسل إلينا منهم، وهو خاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم المرسل إلى جميع الناس. اهـ مختصرًا.
والله أعلم.