الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه العبارة لا يحصل بها الكفر، كما لا يحصل بشيء حدث الإنسان به نفسه من غير تكلم به، ولا عمل بمقتضاه.
وقد نصحناك في عدة أسئلة سابقة بالإعراض عن هذه الوساوس.
واعلم أن القرآن شفاء لمن استشفى به، وهو سبب للشفاء يشفي الله به المومنين، وقد يمنع الله الظالمين من الانتفاع به؛ كما قال سبحانه: وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا [الإسراء:82].
قال العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي- رحمه الله- في تفسيره: فالقرآن مشتمل على الشفاء، والرحمة، وليس ذلك لكل أحد، وإنما ذلك للمؤمنين به، المصدقين بآياته، العاملين به. وأما الظالمون بعدم التصديق به، أو عدم العمل به، فلا تزيدهم آياته إلا خساراً، إذ به تقوم عليهم الحجة.
والأدلة على أن القرآن شفاء للمؤمنين به كثيرة، وكلام أهل العلم في ذلك كثير.
فقد قال ابن القيم- رحمه الله- في كتابه زاد المعاد: فالقرآن هو الشفاء التام من جميع الأدواء القلبية، والبدنية، وأدواء الدنيا والآخرة، وما كل أحد يؤهل ولا يوفق للاستشفاء به، وإذا أحسن العليل التداوي به، ووضعه على دائه بصدق وإيمان، وقبول تام، واعتقاد جازم، واستيفاء شروطه لم يقاومه الداء أبداً، وكيف تقاوم الأدواء كلام رب الأرض والسماء، الذي لو نزل على الجبال لصدعها أو على الأرض لقطعها؟!! فما من مرض من أمراض القلوب والأبدان إلا وفي القرآن سبيل الدلالة على دوائه، وسببه، والحمية منه، لمن رزقه الله فهما في كتابه، قال تعالى: أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ [العنكبوت:51]. انتهى كلامه رحمه الله.
وراجع الفتوى رقم: 4310.
والله أعلم.