الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقولك: ووافقهم الشافعية في النجس، غلط ظاهر، فالشافعية لا يرون شيئا من النجاسات يطهر بالاستحالة إلا الخمر إذا انقلبت خلا بنفسها، وإلا جلد الميتة إذا دبغ، كما صرح به الشيرازي في المهذب، وأما ما للعلماء من خلاف في المسألة فقد جاء مختصرا في الموسوعة الفقهية وعبارتها: ذهب الحنفية والمالكية ـ وهو رواية عن أحمد ـ إلى أن نجس العين يطهر باستحالته إلى عين أخرى، فإذا استحالت عين الخنزير إلى ملح فإنه يطهر، وذهب الشافعية والحنابلة إلى أن نجس العين لا يطهر بالاستحالة، واستثنوا من ذلك الخمر وجلد الميتة. انتهى.
ولم تذكر لنا الفتوى التي استشكلتها لنزيل عنك الإشكال، ولكن على كل إذا تبين لك ما للعلماء من خلاف، فإن القول بطهارة النجاسات بالاستحالة قول قوي متجه، وقد نصره شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ وأطال في نصره، وبه نفتي، وانظر الفتوى رقم: 110582.
واعلم أننا لا نألوا ـ بحمد الله ـ أن ننقل أقوال الفقهاء على وجهها معتمدين في ذلك على كلام أئمة الاستقراء وجهابذة العلماء الذين إليهم المرد في علم الوفاق والخلاف، وقد ذكرنا الخلاف في هذه المسألة وأقوال الأئمة معزوة إليهم في فتاوى متعددة مطابقة لما أثبتناه هنا، وانظر مثلا فتوانا رقم: 6783.
فكيف تنسبنا بعد هذا إلى الغلط على العلماء؟ ونحن لا نبرأ من الخطأ، فإن كل أحد عرضة له، ونحن كذلك تتسع صدورنا لكل نقد ومناقشة علمية مبنية على القواعد التي قررها أهل العلم، ولكننا نطلب منك قبل الانتقاد أن تكون متحققا من صحة فهمك للكلام المنقول أولا، ثم من وجه الغلط فيه ثانيا، وفقنا الله وإياك لما فيه رضاه.
ولا يلزمك أن تسأل عن المواد المركبة منها الكريمات أو غيرها، إذ الأصل في الأشياء الطهارة.
والله أعلم.