الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق بيان حكم برنامج التورق المبارك من البنك العربي تفصيلا في الفتوى رقم: 155063، وهو برنامج شبيه بالمعاملة التي ذكرها السائل.
والمعاملة التي ذكرت الظاهر فيها المنع، لما يحصل فيها من الشرط أوالعرف أوالمواطأة على عود السلعة لبائعها الأول وبالتالي، تكون عينة ثلاثية محرمة، وتصبح العملية إقراضا بفائدة، لأن السلعة الخارجة من اليد العائدة إليها ملغاة. وقد روى الإمام أحمد في مسنده وأبو داود في سننه من حديث عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنهما ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا تبايعتم بالعينة، وأخذتم أذناب البقر، ورضيتم بالزرع، وتركتم الجهاد في سبيل الله سلط الله عليكم ذلا لا ينزعه شيء حتى ترجعوا إلى دينكم.
وانظر الفتويين رقم: 46968، ورقم: 172093.
وكون المشتري يحق له التصرف بنفسه وبيع السلعة لمن شاء أو الانتفاع بها مع جريان عرف العمل بغير ذلك يعتبر مجرد حبر على ورق لا قيمة له، وقد بينا ذلك في الفتوى المشار إليها سابقا برقم: 155063.
وقد جاء في قرار المجمع الفقه الإسلامي لرابطة العالم الإسلامي في دورته السابعة عشرة المنعقدة بمكة المكرمة في موضوع التورق كما تجريه بعض المصارف في الوقت الحاضر ـ أن التزام البائع في عقد التورق بالوكالة في بيع السلعة لمشتر آخر، أو ترتيب من يشتريها يجعلها شبيهة بالعينة الممنوعة شرعًا، سواء أكان الالتزام مشروطًا صراحة، أم بحكم العرف والعادة المتبعة.
ويمكنك مراجعة نص القرار كاملاً في الفتوى رقم: 46179.
وخروجا من الإشكال في هذه المعاملة يمكنك شراء السلعة من البنك وحوزها، ثم تتولى بيعها بنفسك في السوق، مع ملاحظة أن الواجب على المسلمين الإنكار على البنوك التقليدية لقيامها على الربا، وأقلُّ الإنكار أن يهجرها المسلمون، ولا يتعاملوا معها ولو فيما هو مباح حتى تلتزم بشرع الله، ولا يستثنى من هذا إلا حالة الحاجة والضرورة ولا يوجد بديل من بنك أو مؤسسة إسلامية، وكذا لا بأس بمعاملة فرع البنك الربوي إذا كان الفرع خاصا بالمعاملات الإسلامية وكان مستقلاً تمام الاستقلال عن البنك، وكانت له لجنة رقابة شرعية موثوقة، وانظر الفتاويين رقم: 35439، ورقم: 64071.
والله أعلم.