الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإننا نشكرك أولا على خوفك من حساب رب العالمين، ونسأل الله أن يهدي أمك ويصلح حالها، ويلهمها رشدها. وإننا بهذه المناسبة نحثك على الإكثار من الدعاء لها، فالدعاء من خير الأبواب التي يمكن من خلالها تحقيق الرغبات، والله تعالى قد أمر به ووعد بالإجابة حيث قال سبحانه: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ {غافر:60}.
وأما بالنسبة لسؤالك الأول، فلا مؤاخذة - إن شاء الله - في مجرد الشعور القلبي بالبغض للأم بسبب هذه التصرفات السيئة التي تصدر منها، ولا شك في أن برها واجب مهما أساءت، وقد أحسنت ببرك لها وإظهارك احترامك لها والحرص على صلتها، فجزاك الله خيرا. وراجعي الفتوى رقم: 189667.
وأما السؤال الثاني، فجوابه: إذا لم تكن أمك في حاجة إلى المال، فنفقتها غير واجبة عليك، فلا إثم عليك - إن شاء الله - إن توقفت عن الصرف عليها. ومهما أمكنك مساعدتها ودفع شيء من المال - من غر ضرر يلحقك من ذلك - فافعلي، فإنك بذلك تتقين شرها أو بعض شرها، وربما تعقدت مشكلتك إن أمسكت عن الإنفاق عليها.
ومن الغريب ما ذكرت من شأن أمك وتصرفاتها معك، إذ الغالب في الأم الشفقة على أولادها، والإناث منهم خاصة.
فوصيتنا لك أن تلتمسي أسباب هذه التصرفات، والعمل على علاجها بما يناسب. وانظري إن كان ثمة من يمكنه أن يصلح ما بينك وبين أمك من عقلاء الناس .
وننبه في الختام على بعض الأمور:
الأمر الأول: أن التسوية بين الأولاد في العطية المالية واجب على الراجح من أقوال الفقهاء. وينبغي للأم التسوية بين أولادها بما في ذلك الأمور العاطفية.
قال ابن قدامة في المغني: ولا خلاف بين أهل العلم في استحباب التسوية وكراهة التفضيل، قال إبراهيم: كانوا يستحبون أن يسووا بينهم حتى في القبل. اهـ.
ولمزيد الفائدة راجعي الفتوى رقم: 6242.
الأمرالثاني: أن الواجب إيصال الحقوق إلى أصحابها ،وعدم الحيلولة بينهم وبينها، سواء في ذلك الميراث أم غيره. فحرمان الورثة شيئا من حقهم ظلم، والظلم ظلمات يوم القيامة. ونرجو أن تراجع الفتوى رقم: 1809 ففيها تفصيل القول فيما يتعلق بحق الورثة في راتب التقاعد.
الأمر الثالث: أن اجتناب السليم للمريض خوفا من انتقال العدوى، لا حرج فيه شرعا، وسبق أن بينا ذلك بالفتوى رقم: 75496 والأرقام المحال عليها فيها.
والله أعلم.