الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالزواج رزق كسائر أرزاق العبد، يأتيه ما كتب له منه لا يخطئه، ولو أنه أيقن بهذه الحقيقة لاستراح باله، ولكن العبد يستعجل. قال ابن القيم في الفوائد: والعبد لجهله بمصالح نفسه، وجهله بكرم ربه، وحكمته ولطفه، لا يعرف التفاوت بين ما منع منه وبين ما ذخر له، بل هو مولع بحب العاجل وإن كان دنيئا، وبقلة الرغبة في الآجل وإن كان عليّا.
وعن الحكمة من تأخير الزواج نقول: يجب على العبد أن يوقن بأن الله عز وجل حكيم في فعله وفي أمره، فلا يفعل شيئًا إلا لحكمة، ولا يأمر بشيء إلا لحكمة كذلك، وهذا مقتضى وصفه بالحكمة جل وعلا في آيات كثيرة، لكنه ليس كل حكمة تدرك العقول كنهها، فقد يرى العبد بعض القدر شرًا وفي طياته من الحكمة الشيء العجيب.
يقول ابن عثيمين في اللقاء الشهري: أما القدر الذي هو فعل الله فليس فيه شر؛ لأن الله لا يفعل شيئاً إلا لحكمة، حتى وإن كان شراً بالنسبة للناس فهو حكمة. {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ} الفساد خير أم شر؟ شر، لكن الله قدره لمصلحة عظيمة: {لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}. فقدر الله الذي هو تقديره ليس فيه شر، والمقدور الذي هو المخلوق هذا فيه خير وشر.
وقد تقدمت لنا فتاوى عن تأخر الزواج أسبابه، وحلوله، راجعي منها للفائدة الفتاوى التالية: 138443، 96427.
والله أعلم.