الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد يكرر الحديث عدة مرات فيسمعه الصحابي الواحد عدة مرات، كما قال عمرو بن عبسة السلمي لمن استكثر عليه الترغيب في الوضوء والصلاة في حديث مسلم: ما منكم رجل يقرب وضوءه فيتمضمض ويستنشق فينتثر إلا خرت خطايا وجهه، وفيه وخياشيمه، ثم إذا غسل وجهه كما أمره الله إلا خرت خطايا وجهه من أطراف لحيته مع الماء، ثم يغسل يديه إلى المرفقين إلا خرت خطايا يديه من أنامله مع الماء، ثم يمسح رأسه إلا خرت خطايا رأسه من أطراف شعره مع الماء، ثم يغسل قدميه إلى الكعبين إلا خرت خطايا رجليه من أنامله مع الماء، فإن هو قام فصلى فحمد الله وأثنى عليه ومجده بالذي هو له أهل وفرغ قلبه لله؛ إلا انصرف من خطيئته كهيئته يوم ولدته أمه.
قال الراوي: فحدث عمرو بن عبسة بهذا الحديث أبا أمامة صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له أبو أمامة: يا عمرو بن عبسة؛ انظر ما تقول! في مقام واحد يعطى هذا الرجل؟! فقال عمرو: يا أبا أمامة؛ لقد كبرت سني، ورق عظمي، واقترب أجلي، وما بي حاجة أن أكذب على الله ولا على رسول الله، لو لم أسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا مرة أو مرتين أو ثلاثا ـ حتى عد سبع مرات ـ ما حدثت به أبدا، ولكني سمعته أكثر من ذلك. اهـ.
وقد يكون حدث به في عدة مجالس ويكون كل راو سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم بهذا اللفظ في مجلس أو مناسبة غير التي سمعه فيها غيره بلفظه الذي رواه به، أو يكون الراوي نقل الحديث بالمعنى، وانظر الفتويين رقم: 98839، ورقم 132651.
والله أعلم.