الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ريب أن ما فعلته منكر فظيع وإثم شنيع، وأنه زنى, فإن الزنى - كما قال العلماء - هو: فعل الفاحشة في قبل أو دبر, قال الخرقي: والزاني من أتى الفاحشة في قبل أو دبر.
فإذا علمت هذا, وعلمت قبيح جنايتك, فاعلم - كذلك - أن التوبة مقبولة من كل من جاء بها على وجهها، وأن بابها لا يغلق في وجه أحد، وأن الله تعالى غفور رحيم, فمن تاب إليه وندم على جريمته, ورجع إلى ربه تاب الله تعالى عليه, مهما كان ذنبه عظيمًا، ويعود التائب من ذنبه كمن لم يذنب, كما قال صلى الله عليه وسلم: التائب من الذنب كمن لا ذنب له. رواه ابن ماجه.
وقوله تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر:53} شامل للزنى وغيره من الذنوب، قال تعالى: وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا {الفرقان:68-70}.
فما دمت قد تبت توبة صادقة, وندمت على فعلتك هذه, فأبشر بمغفرة الله, وأمِّل ما يسرك، وأحسن ظنك بربك تعالى، واجتهد في التقرب منه سبحانه وطلب مرضاته، وأكثر من نوافل العبادات, وتزود من الحسنات, فإن الحسنات يذهبن السيئات.
ولا يلزمك أن تذهب إلى من يقيم عليك الحد، حتى لو كنت في بلد تقام فيها الحدود، بل استتر بستر الله, واقبل عافية الله, وتب فيما بينك وبينه, وتكفيك توبتك في محو أثر الذنب عنك، وانظر الفتوى رقم: 137268.
وعليك أن تجانب من يقارفون هذه المنكرات؛ لئلا يستدرجوك إلى فعلها, وأن تصحب أهل الخير والصلاح, وأن تجتهد في الدعاء واللجأ إلى الله أن يصرف عنك الفتن ما ظهر منها وما بطن.
والله أعلم.