الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمثل هذه المسائل ينبغي أن تعرض على المحكمة الشرعية؛ لأن الأمور المتعلقة بالفسخ للعيب تحتاج إلى اجتهاد القاضي، والرجوع إلى أهل الخبرة في بعض الأمور، كما أن كثيرا من هذه المسائل محل خلاف بين أهل العلم، وحكم القاضي يرفع الخلاف، لكن لا مانع من بيان بعض الأحكام المتعلقة بالسؤال على وجه العموم، فنقول:
-إذا كان بالمرأة عيب مانع من جماعها، لا يجوز لها ولا لوليها العالم به كتمانه عن الخاطب؛ وانظر الفتوى رقم: 53843-وإذا علم الزوج بهذا العيب ونحوه، فلم يرض به، فله فسخ النكاح؛ أما إذا رضي بالعيب، أو ظهر منه ما يدل على الرضا به، فلا حق له في الفسخ.
قال ابن قدامة (رحمه الله): وخيار العيب ثابت على التراخي، لا يسقط، ما لم يوجد منه ما يدل على الرضى به، من القول، أو الاستمتاع من الزوج، أو التمكين من المرأة. المغني لابن قدامة.
وفي حال الفسخ بعد الدخول، فإن للمرأة مهرها كله –عاجله وآجله- وأما إذا حصل الفسخ قبل الدخول أوالخلوة، فلا حق للمرأة في شيء من المهر.
قال ابن قدامة (رحمه الله) : وكل فرقة جاءت من المرأة قبل الدخول كإسلامها، أو ارتدادها، أو رضاعها، أو فسخ لعيبها، أو فسخ لعيبه، أو إعساره، أو أعتقها، يسقط به مهرها.
- وإذا لم يتم الدخول ولكن حصلت الخلوة، فالجمهور على ثبوت المهر كاملا بالخلوة الصحيحة؛ وانظر الفتوى رقم: 96298.
-وهل يجب المهر المسمى، أم يسقط المسمى ويجب مهر المثل ؟ المعتمد عند الحنابلة وجوب المسمى، وعند الشافعية مهر المثل.
قال ابن قدامة -رحمه الله-: ويجب المهر المسمى. وذكر القاضي، في " المجرد " فيه روايتين؛ إحداهما، يجب المسمى. والأخرى، مهر المثل، بناء على الروايتين في العقد الفاسد، وقال الشافعي: الواجب مهر المثل. المغني لابن قدامة.
- وإذا استحقت المرأة المهر، وثبت أن أهلها كانوا عالمين بالعيب ولكنهم غروا الزوج، ففي رجوعه عليهم بالمهر، خلاف بين أهل العلم.
قال ابن قدامة رحمه الله- : الفصل الرابع: أنه يرجع بالمهر على من غره. وقال أبو بكر: فيه روايتان؛ إحداهما، يرجع به. والأخرى: لا يرجع. والصحيح أن المذهب رواية واحدة، وأنه يرجع به؛ ........، وبه قال الزهري، وقتادة، ومالك، والشافعي في القديم. وروي عن علي أنه قال: لا يرجع. وبه قال أبو حنيفة، والشافعي في الجديد؛ لأنه ضمن ما استوفى بدله، وهو الوطء. المغني لابن قدامة باختصار.
والله أعلم.