الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا شروط التوبة من الزنا في الفتوى رقم: 1106. وليس من شروط التوبة من الزنا استحلال المزني بها إن كانت مطاوعة.
أما إذا كانت مكرهة فعليه أن يستحلها إذا قدر على ذلك؛ لأنه ظلمها بلا ريب, فوجب أن يتحللها، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ كَانَتْ لَهُ مَظْلَمَةٌ لِأَخِيهِ مِنْ عِرْضِهِ أَوْ شَيْءٍ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهُ الْيَوْمَ قَبْلَ أَنْ لَا يَكُونَ دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ, إِنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ أُخِذَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلَمَتِهِ, وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ فَحُمِلَ عَلَيْهِ. صحيح البخاري.
وقد ذهب جمهور العلماء إلى وجوب مهر المثل للمكرهة على الزنا، قال ابن قدامة - رحمه الله -: ويجب للمكرهة على الزنى, وعن أحمد، رواية أخرى: أنه لا مهر لها إن كانت ثيبًا, واختاره أبو بكر, ولا يجب مع ذلك أرش البكارة, وذكر القاضي أن أحمد قد قال في رواية أبي طالب، في حق الأجنبية إذا أكرهها على الزنى، وهي بكر: فعليه المهر، وأرش البكارة, وهذا قول الشافعي, وقال أبو حنيفة: لا مهر للمكرهة على الزنى.
وأما المطاوعة على الزنا فلا يجب لها شيء، قال الشيخ عليش المالكي: وَمَفْهُومُ الْمُكْرَهَةِ أَنَّ الزِّنَا بِطَائِعَةٍ عَالِمَةٍ لَا يُوجِبُ لَهَا مَهْرًا, وَهُوَ: كذَلِكَ.
وقال ابن القيم رحمه الله: وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ لِلْمُخْتَارَةِ؛ لِأَنَّهَا بَاذِلَةٌ لِلْمَنْفَعَةِ الَّتِي عِوَضُهَا لَهَا، فَلَمْ يَجِبْ لَهَا شَيْءٌ، كَمَا لَوْ أَذِنَتْ فِي إِتْلَافِ عُضْوٍ مِنْ أَعْضَائِهَا لِمَنْ أَتْلَفَهُ.
ولا يجب إخبار زوج المزني بها أو وليها ولا استحلاله سواء كانت مطاوعة أو مكرهة، كما رجحناه في الفتوى رقم: 122218.
والله أعلم.