الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كانت زوجة أبيك قد أساءت معاملتك - ولم يكن لها مسوغ في ذلك - فقد أتت أمرًا منكرًا، ولكن ينبغي أن تعلمي أن من هدي النبي صلى الله عليه وسلم عدم الانتقام لنفسه، وحرصه على العفو والصفح عمن أساء إليه، وهذا من كريم الأخلاق ومحاسن الشيم, فعن عائشة - رضي الله عنها - قالت: ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئًا قط بيده، ولا امرأة ولا خادمًا، إلا أن يجاهد في سبيل الله، وما نيل منه شيء قط فينتقم من صاحبه، إلا أن ينتهك شيء من محارم الله تعالى، فينتقم لله تعالى. رواه مسلم.
وعن أنس - رضي الله عنه - قال: كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم, وعليه برد نجراني غليظ الحاشية، فأدركه أعرابي فجبذه بردائه جبذة شديدة، فنظرت إلى صفحة عاتق النبي صلى الله عليه وسلم, وقد أثرت بها حاشية الرداء من شدة جبذته، ثم قال: يا محمد، مر لي من مال الله الذي عندك, فالتفت إليه، فضحك, ثم أمر له بعطاء. متفق عليه. وهذا عفو وإحسان, ولمزيد الفائدة في فضل العفو راجع الفتوى رقم: 27841, فنوصيك بمسامحتها والاتصال بها, وتفقد أحوالها، ففي ذلك بر منك بأبيك, وإحسان إليه, كما أوضحنا بالفتوى رقم: 54560.
وترك الاتصال إن كان على سبيل الهجر لها: فالهجر له ضوابطه التي تجب مراعاتها، فالهجر للدنيا ليس كالهجر للدين، فللأهمية بهذا الخصوص نرجو مطالعة الفتوى رقم: 7119 - 29790.
والله أعلم.