الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فإن كنت بقولك: ( بدون تركيز ) تعني بغير تدبر، فإن تكرار الآية أثناء القراءة في الصلاة، إذا كان لغرض التدبر وتحريك القلب، فهو أمر مشروع دلت عليه السنة في الجملة، ولكن ينبغي تجنب تكرار الآيات في الفاتحة؛ لأن من العلماء من يرى أن التكرار فيها قد يقطع الموالاة الواجبة في قراءتها.
جاء في حاشية البجيرمي على الخطيب: إذَا كَرَّرَ آيَةً مِنْ نَفْسِ الْفَاتِحَةِ، قَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ فِي الْفَتَاوَى: إنْ كَثُرَ تَكْرَارُهَا بِحَيْثُ طَالَ الْفَصْلُ فَإِنَّهُ يَسْتَأْنِفُ. وَقَالَ فِي الْبَيَانِ: إنْ كَانَتْ أَوَّلَ آيَةٍ مِنْ الْفَاتِحَةِ أَوْ آخِرَ آيَةٍ مِنْ الْفَاتِحَةِ لَمْ يُؤَثِّرْ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ مِنْ وَسَطِهَا، فَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ الْقِيَاسُ أَنَّهُ كَمَا لَوْ قَرَأَ فِي خِلَالِهَا غَيْرَهَا، فَإِنْ كَانَ عَامِدًا بَطَلَتْ قِرَاءَتُهُ، وَإِنْ كَانَ سَاهِيًا بَنَى عَلَيْهَا .... وَقَالَ فِي الْبَسِيطِ: إذَا كَرَّرَهَا لِشَكِّهِ فِي إتْيَانِهِ بِهَا عَلَى وَجْهِهَا، فَلَا بَأْسَ بِهِ لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ، وَلَوْ كَرَّرَ قَصْدًا مِنْ غَيْرِ تَسَبُّبٍ، تَرَدَّدَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ فِي إلْحَاقِهِ بِالرُّكْنِ الْيَسِيرِ فِي انْقِطَاعِ الْمُوَالَاةِ. اهــ.
وقال النووي رحمه الله تعالى في المجموع نقلا ًعن إمام الحرمين: وإن كرر كلمة منها بلا سبب، كان شيخي يتردد في إلحاقه بما لو أدرج في أثناء الفاتحة ذكرا آخر ... اهــ.
وتكرار التشهد أو شيء منه لا نعلم له أصلا في السنة, والذي نراه في حق الأخ السائل أن لا يكرر شيئا ما دام مصابا بالوسوسة كما ذكر ذلك عن نفسه في سؤال سابق له, فالتكرار لمن كان في مثل حاله إنما هو استجابة لداعي الوسوسة واسترسال معها. وهذا قد يزيده وسوسة وشكا، فما يلبث أن يشك في كل شيء ويكرره.
والله تعالى أعلم.