الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما يتعلق بالغسل فراجع جوابه في سؤالك السابق ورقمه: 2382495
وأما ما سألت عنه من كيفية استشعار المراقبة: فاعلم أن مرد هذه المراقبة - بعد توفيق الله وإعانته - إلى أمرين:
1 - استشعار العبد أن الله سبحانه مطلع عليه, وعالم بمكنون سره ومنشور جهره، لا تخفى عليه منه خافية، يعلم سره ونجواه.
2 - إدراك العبد عظمة الله تعالى وكبرياءه وملكوته وقدرته على خلقه، فمن أخذ بحظ من ذلك الشعور ونصيب من ذلك التعظيم فإنه حتمًا سيخشى عين الرقيب, وسيراعي الله تعالى في كل خطوة يخطوها في هذه الحياة.
ولنسق هنا طرفًا من أقوال السلف في المراقبة، يقول الحارث المحاسبي: والمراقبة في ثلاثة أشياء: مراقبة الله في طاعته بالعمل, ومراقبة الله في معصيته بالترك, ومراقبة الله في الهم والخواطر؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: اعبد الله كأنك تراه, فإن لم تكن تراه فإنه يراك.
وقال الزبيدي قوله صلى الله عليه وسلم: فإن لم تكن تراه فإنه يراك إشارة إلى حال المراقبة؛ لأن المراقبة علم العبد باطلاع الرب سبحانه عليه، واستدامته لهذا العلم مراقبة لربه، وهذا أصل كل خير.
وقال القشيري: ولا يكاد يصل إِلَى هذه الرتبة إلا بَعْد فراغه من المحاسبة, فَإِذَا حاسب نَفْسه عَلَى مَا سلف, وأصلح حاله فِي الوقت, ولازم طريق الحق, وأحسن بينه وبين اللَّه تَعَالَى مراعاة القلب, وحفظ مَعَ اللَّه تَعَالَى الأنفاس راقب اللَّه تَعَالَى فِي عموم أحواله, فيعلم أَنَّهُ سبحانه عَلَيْهِ رقيب, ومن قلبه قريب, يعلم أحواله, ويرى أفعاله, ويسمع أقواله, ومن تغافل عَن هذه الجملة فَهُوَ بمعزل عَن بداية الوصلة, فكيف عَن حقائق القربة!
وما أحسن قول القائل:
إذا ما خلوت الدهر يومًا فلا تقل خلوت ولكن قل عليَّ رقيب
ولا تحسـبن الله يـغـفـل سـاعــة ولا أنَّ ما تُخفي عليه يغيب.
والله أعلم.