الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما تعريف البدعة فقد عرف محمد الخادمي الحنفي البدع بقوله: جمع بدعة خلاف السنة اعتقاداً وعملاً وقولاً، وهذا معنى ما قالوا: البدعة في الشريعة إحداث ما لم يكن في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم, وذكر أيضاً: أن المعنى الشرعي للبدعة هو: الزيادة في الدين أو النقصان منه الحادثان بعد الصحابة بغير إذن من الشرع. والشاطبي عرف البدعة بقوله: طريقة في الدين مخترعة، تضاهي الشرعية، يقصد بالسلوك عليها المبالغة في التعبد لله سبحانه. وانظر فتوانا رقم: 17613.
والبدعة لها إطلاق لغوي وإطلاق شرعي: أما من حيث الإطلاق اللغوي: فيجوز أن تقسم إلى حسنة وسيئة؛ لأن البدعة من بدع فلان الشيء يبدعه بدعًا، وابتدعه إذا أنشأه وفعله ابتداءً، وقد يكون ذلك الابتداع إبداعًا مستحسنًا فتكون البدعة حسنة, وقد يكون مستهجنًا فتكون البدعة سيئة.
وأما الإطلاق الشرعي للبدعة فلا يصح فيه هذا التقسيم؛ لأن البدعة بهذا المعنى هي الأمر المحدث في الدين، ولا شك أن ذلك سيئ مذموم على كل حال, وانظر فتوانا رقم: 2741.
وأما بخصوص تقسيم البدعة إلى تقسيمات أخرى فانظر فتوانا رقم: 169477.
وننبهك إلى أن البدع ليست على حد سواء، وقد بين الشاطبي ـ رحمه الله ـ هذا المعنى فقال في الاعتصام: البدع إذا تؤمل معقولها وجدت رتبها متفاوتة؛ فمنها ما هو كفر صراح، كبدعة الجاهلية التي نبه عليها القرآن، كقوله تعالى: {وقالوا ما فِي بُطُونِ هذِهِ الأنْعَامِ خَالِصَةٌ لِذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَى أزْوَاجِنَا، وإنْ يكُنْ مَيْتَةَ فَهُمْ فِيهِ شرَكاءُ}، وكذلك بدعة المنافقين حيث اتخذوا الدين ذريعة لحفظ النفس والمال، وما أشبه ذلك مما لا يشك أنه كفر صراح, ومنها ما هو من المعاصي التي ليست بكفر أو يختلف هل هي كفر أم لا! كبدعة الخوارج والقدرية والمرجئة ومن أشبههم من الفرق الضالة, ومنها ما هو معصية ويتفق عليها بكفر كبدعة التبتل والصيام قائماً في الشمس، والخصاء بقصد قطع شهوة الجماع, ومنها ما هو مكروه: كالاجتماع للدعاء عشية عرفة، وذكر السلاطين في خطبة الجمعة وما أشبه ذلك, فمعلوم أن هذه البدع ليست في رتبة واحدة فلا يصح مع هذا أن يقال: إنها على حكم واحد، هو الكراهة فقط، أو التحريم فقط".
وأما بالنسبة للخيط الذي يوضع لتسوية الصفوف: فإنه لا بأس به؛ لأنه لمصلحة الصلاة, وانظر فتوانا رقم: 121477.
ولا بأس من حمل المصحف خلف الإمام ومتابعته في القراءة لغرض الفتح عليه إن غلط، من شخص واحد أو أكثر، فإن تحقق الغرض بشخص واحد فالأولى أن يكتفى به, وانظر فتوانا رقم: 136316.
ولا شك أن التسبيح باليد أفضل من التسبيح بالمسبحة، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يعقد التسبيح بيده، وأما عده بالنوى والحصى ونحو ذلك فحسن، وكان من الصحابة رضي الله عنهم من يفعل ذلك، ومن العلماء من ألحق السبحة بالنوى والحصى، قال الشوكاني: (والحديثان الآخران يدلان على جواز عد التسبيح بالنوى والحصى، وكذا بالسبحة لعدم الفارق لتقريره صلى الله عليه وسلم للمرأتين على ذلك، وعدم إنكاره، والإرشاد إلى ما هو أفضل لا ينافي الجواز) وانظر فتوانا رقم: 7051.
والله أعلم.