الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه, أما بعد:
فمن توفي عن ثلاثة أشقاء وثلاث شقيقات ولم يترك وارثًا غيرهم فإن تركته لهم تعصيبًا للذكر مثل حظ الأنثيين لقول الله تعالى في آية الكلالة { ... وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ... } النساء: 176, فتقسم التركة على تسعة أسهم, لكل أخ شقيق سهمان, ولكل أخت شقيقة سهم واحد.
وأما المال الذي ذكرت السائلة أن خالتها أعطته لها بعد بيع البيت إن كانت تعني أنها أعطته لها على أنه وديعة عندها – وليس هبة - وتنفق منه عليها كما يفهم من قول السائلة (وهي في وعيها طلبت مني أن أتصرف في المال في جميع متطلباتها) فهذا المال يعتبر تركة يرثه عنها ورثتها, ولا يجوز للسائلة أن تتصرف فيه بإطعام ونحوه, بل الواجب عليها دفعه للورثة, وما أنفقته من المال من غير إذن الورثة وجب عليها ضمانه لأنه تصرف في مال الغير بلا ولاية ولا نيابة عنه, وقد نص الفقهاء على ضمان الوديعة بالتعدي أو التفريط, جاء في الموسوعة الفقهية:
الأْصْل فِي الْوَدِيعَةِ: أَنَّهَا أَمَانَةٌ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: { فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي ائْتُمِنَ أَمَانَتَهُ}, وَأَنَّهُ لاَ ضَمَانَ عَلَى الْمُودَعِ فِي الْوَدِيعَةِ، لِمَا رَوَى عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: مَنْ أَوْدَعَ وَدِيعَةً فَلاَ ضَمَانَ عَلَيْهِ وَلأِنَّ الْمُسْتَوْدَعَ يَحْفَظُهَا لِمَالِكِهَا فَلَوْ ضُمِنَتْ لاَمْتَنَعَ النَّاسُ مِنَ الدُّخُول فِيهَا، وَذَلِكَ مُضِرٌّ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ مَسِيسِ الْحَاجَةِ إِلَيْهَا وَيَضْمَنُ الْوَدِيعُ فِي حَالَيْنِ: الأْوَّل: إِذَا فَرَّطَ فِي حِفْظِ الْوَدِيعَةِ؛ لأِنَّ الْمُفَرِّطَ مُتَسَبِّبٌ بِتَرْكِ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْ حِفْظِهَا. الثَّانِي: أَنْ يَتَعَدَّى الْوَدِيعُ عَلَى الْوَدِيعَةِ؛ لأِنَّ الْمُتَعَدِّيَ مُتْلِفٌ لِمَال غَيْرِهِ فَضَمِنَهُ، كَمَا لَوْ أَتْلَفَهُ مِنْ غَيْرِ إِيدَاعٍ. اهــ .
وإن كانت السائلة تعني أن خالتها وهبتها المال ولم تعطه لها على أنه وديعة فإن السائلة مطالبة بالبينة على هذا الادعاء ما دامت تقر أن أصل المال لخالتها, فإن أقامت بينة أو صدقها الورثة فالمال لها, وإن لم تُقم بينة ولم يصدقها الورثة وجب عليها دفع المال للورثة وضمان ما أنفقته بغير إذنهم.
والله تعالى أعلم.