الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله الرحمة لأخيكم وأن يحسن عزاءكم فيه، وننصحكم بأن تحسنوا الظن به, فإن الموت يأتي بغتة في أحيان كثيرة وقد صدق من قال:
فكم من صحيح مات من غير علة * وكم من سقيم عاش حيناً من الدهر
وليس فيما ذكرته ما يكفي في الدلالة على أنه انتحر، ولا ينبغي اتهامه بذلك ولا سوء الظن به .
ولو افترض أنه قد حصل منه انتحار بسبب الحالة النفسية التي هو فيها, بحيث لم يكن يستطيع السيطرة على جوارحه فإنه لا يكون مؤاخذا بذلك. وعلى أية حال فينبغي تجنب التحدث في الموضوع مع الناس لئلا يساء الظن به دون بينة, ولئلا يتكلم فيه بغير حق, فهو قد أفضى إلى ما قدم, وقد قال الله تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ. (الحجرات:12). وفي حديث الصحيحين: إياكم والظن, فإن الظن أكذب الحديث. وفي الحديث أنه ذكر عند النبي صلى الله عليه وسلم هالك بسوء فقال: لا تذكروا هلكاكم إلا بخير. رواه النسائي وصححه الألباني.
ولا شك أن الإقدام على الانتحار أمر فظيع وعواقبه وخيمة، لقوله تعالى: وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا {النساء:29}، ولقوله صلى الله عليه وسلم: من قتل نفسه بحديدة فحديدته يتوجأ بها في بطنه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً، ومن شرب سماً فقتل نفسه، فهو يتحساه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً، ومن تردى من جبل فقتل نفسه، فهو يتردى في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً. رواه البخاري ومسلم.
والله أعلم.