الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن أوضحنا في عدة فتاوى سابقة أنه يكفي في الاستنجاء من البول مسح المخرج بمنديل ونحوه مما يحصل به الإنقاء، والأفضل غسل المحل بالماء بعد ذلك، وإذا انتشر البول عن محله بحيث وصل إلى أكثر الحشفة وهي رأس الذكر فيتعين حينئذ الغسل بالماء، وإذا تم الاستنجاء بالماء فيكفي غسل ظاهرالمخرج فقط ولا يشرع إدخال الماء إلى الداخل، لأنه من التنطع في الدين، وعليه فما يبقي من بلل الماء على محل الاستنجاء لا يعتبر نجسا ولا ناقضا للوضوء طالما أنه لم يدخل إلى مسلك الذكر، وهذا هو الغالب، لكن إذا اتفق فعلا أن الماء دخل إلى داخل الذكر ثم خرج منه، فإنه يعتبر نجساً وناقضاً للوضوء، قال ابن قدامة في المغني: وإن قطر في إحليله دهنا ثم عاد فخرج نقض الوضوء، لأنه خارج من السبيل ولا يخلو من بلة نجسة تصحبه فينتقض بها الوضوء كما لو خرجت منفردة. انتهى.
لكن ما دام السائل لديه وسواس الطهارة فعليه الإعراض عما يعتبره شيئا خارجا بعد تمام الاستنجاء ولا يطالب بإعادة الوضوء ولا الصلاة، لأن الموسوس قد يخيل إليه دخول الماء إلى المحل أو خروجه ولم يقع ذلك، ولأنه إذا عمل على أنه خرج منه شيء وغسله فيخيل إليه خروجه مرة أخرى وهكذا إلى ما لا نهاية فكان الإعراض هنا هو العلاج الأنجع، كما يستحب نضح الفرج والسراويل بالماء في حق من لديه وساوس في شأن الطهارة لقطع تلك الوساوس، قال ابن قدامة في المغني: ويستحب أن ينضح على فرجه وسراويله ليزيل الوساوس عنه قال حنبل: سألت أحمد قلت: أتوضأ وأستبرئ وأجد في نفسي أني أحدثت بعده، قال: إذا توضأت فاستبرئ ثم خذ كفا من ماء فرشه على فرجك ولا تلتفت إليه فإنه يذهب إن شاء الله تعالى. انتهى.
وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتويين رقم: 134819، ورقم: 48273.
والله أعلم.