الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان الواقع ما ذكر من أن هذا الرجل قد تزوج هذه المرأة بعد غلبة الظن بموت زوجها وبعد تمام عدتها من الوفاة فلا إثم عليه ولا عليها في ذلك، وأما هذا النكاح فيجب فسخه وترجع إلى زوجها الأول بعد تمام عدتها من الثاني وذلك بوضع حملها، لقوله تعالى: وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا {الطلاق:4}.
قال المواق في التاج والإكليل عند قول خليل: وأما إن نعي لها... إلخ: أما مسألة إن نعي لها، فقال المتيطي: أما المنعي لها زوجها تتزوج ثم يقدم، فإن دخل بها الثاني استبرأت منه بثلاث حيض أو وضع حمل أو ثلاثة أشهر إن كانت صغيرة أو يائسة ثم ترد للأول على كل حال، وإن ولدت الأولاد، بخلاف المفقود، لأن امرأة المفقود فرق بينهما بحكم ظاهر وهذه لم يرجع أمرها للإمام. اهـ.
ولذلك يمنع الأول من وطئها حتى تنقضي عدتها احتياطا للنسب، ولكنه لا يمنع من الدخول عليها والخلوة بها والنظر إليها ونحو ذلك؛ بخلاف الثاني فإنه يمنع من ذلك كله، لأنه أجنبي عنها، ولكن الولد ينسب إليه ـ نعني الثاني ـ للشبهة، جاء في مواهب الجليل للحطاب قوله: وإذا ردت إلى الأول فلا يقربها حتى تحيض أو تضع حملها إن كانت حاملا وتعتد في بيتها الذي كانت تسكن فيه مع الآخر ويحال بينه وبين الدخول عليها، عياض: ولا إشكال في منع الثاني من النظر إليها والدخول عليه، لأنه أجنبي، وأما الأول فلا إشكال في منعه الوطء لاحتياط الأنساب، وأما ما عداه من الاستمتاع فمباح، لأنها زوجة، وإنما حبست لأجل اختلاط النسب كما لو استبرأها من زنا. اهـ.
والله أعلم.