الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا حرج في السفر عن الجدة بصحبة الوالدين إذا كنتم تركتم لها من تخدمها وكنتم مطمئنين عليها، والسفر الذي يراد به إدخال السرور على الوالدين من سفر الطاعة والبر، فكيف إذا كان يسافر بهما إلى مكة والمدينة؟
وأما السفر عموما فلا حرج في المباح منه ولا فيما يحصل فيه من الترفيه والترويح عن النفس ما دام لا يخالطه ما يسخط الله تعالى، وأما آداب السفر فهي كثيرة وقد جاء في منهاج القاصدين للمقدسي بعضها، حيث يقول رحمه الله:
وللسفر آداب معروفة مذكورة في مناسك الحج وغيرها.
من ذلك: أن يبدأ برد المظالم، وقضاء الديون، وإعداد النفقة لمن تلزمه نفقته، ورد الودائع.
ومنها: أن يختار رفيقاً صالحاً، ويودع الأهل والأصدقاء.
ومنها: أن يصلي صلاة الاستخارة، وأن يكون يوم الخميس بكرة.
ومنها: أن لا يمشي منفرداً، وأن يكون أكثر سيره بالليل، ولا يهمل الأذكار والأدعية إذا وصل منزلاً أو علا نشزاً أو هبط وادياً.
ومنها: أن يستصحب معه ما فيه مصلحته، كالسواك، والمشط، والمرآة، والمكحلة، ونحو ذلك.
وينبغى له أن يتزود للدنيا والآخرة، أما زاد الدنيا، فالمطعم والمشرب وما يحتاج إليه، ولا ينبغى أن يقول: أخرج متوكلاً فلا أحمل زاداً، فهذا جهل، فإن حمل الزاد لا يناقض التوكل، وأما زاد الآخرة، فهو العلم الذي يحتاج إليه في طهارته وصلاته وعبادته، وتعلم رخص السفر كالقصر والجمع والفطر، ومدة مسح السفر على الخفين والتيمم، والتنفل للماشي، وكل ذلك مذكور في كتب الفقه بشروط، ولابد للمسافر من معرفة ما يتجدد بسبب السفر، وهو علم القبلة والأوقات، فمعرفة ذلك في السفر آكد من الحضر. اهـ.
والله أعلم.