الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أحسنت صنعا بالكف عن الغش والتوبة منه، ومن تاب تاب الله عليه، لكن إعانتك لزملائك على الغش وتمكينهم من نقل الأجوبة أوإخبارهم بها لا يجوز لقوله تعالى : وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ {المائدة:2}. فالواجب عليك ألا تخبر من يسألك يريد الغش في الاختبار، وتنصحه بالكف عن ذلك لحرمته، ولا تترك ورقة إجابتك بحيث يطلع عليها غيرك، ومن اطلع عليها دون علمك فإثمه عليه لا عليك، ولا تستحي في منعهم من ذلك فرضى الله أولى بالمراعاة وحرماته أولى أن يستحيا منها. ففي سنن الترمذي عن عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من التمس رضا الله بسخط الناس كفاه الله مؤنة الناس، ومن التمس رضا الناس بسخط الله وكله الله إلى الناس. وفي رواية: من التمس رضا الله بسخط الناس رضي الله عنه وأرضى الناس عنه، ومن التمس رضا الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس. أخرجها الترمذي وابن حبان وصححها الأرناؤوط والألباني.
فاستغفر الله تعالى مما كان ولا تمكن الطلاب من الغش من ورقتك، أوتلقي لهم الأجوبة ولو سألوك، وما حصل من ذلك دون علمك فلا تؤاخذ به لقوله تعالى: لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ {البقرة:286}، وفي الصحيح أنه قال: قد فعلت.
والله أعلم.