الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فصلاة من التحق بك صحيحة ولا يشترط لصحة الاقتداء نية الإمامة في المفتى به عندنا، وهو قول المالكية والشافعية والحنفية وإحدى الروايتين عن أحمد, خلافا للحنابلة, جاء في الموسوعة الفقهية: يُشْتَرَطُ فِي الإْمَامِ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ نِيَّةُ الإْمَامَةِ فَإِنَّهُمْ قَالُوا: مِنْ شَرْطِ صِحَّةِ الْجَمَاعَةِ أَنْ يَنْوِيَ الإْمَامُ أَنَّهُ إِمَامٌ وَيَنْوِيَ الْمَأْمُومُ أَنَّهُ مَأْمُومٌ .... وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: نِيَّةُ الرَّجُل الإْمَامَةَ شَرْطٌ لِصِحَّةِ اقْتِدَاءِ النِّسَاءِ إِنْ كُنَّ وَحْدَهُنَّ.... وَلاَ يُشْتَرَطُ نِيَّةُ الإْمَامِ الإْمَامَةَ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ، إِلاَّ فِي الْجُمُعَةِ وَالصَّلاَةِ الْمُعَادَةِ وَالْمَنْذُورَةِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، لَكِنَّهُ يُسْتَحَبُّ عِنْدَهُمْ لِلإْمَامِ أَنْ يَنْوِيَ الإْمَامَةَ فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ لِلْخُرُوجِ مِنْ خِلاَفِ الْمُوجِبِ لَهَا، وَلِيَحُوزَ فَضِيلَةَ الإْمَامَةِ وَصَلاَةِ الْجَمَاعَةِ. اهـــ.
والقول بعدم اشتراط نية الإمامة من الإمام في صحة الاقتداء هو إحدى الروايتين عن الإمام أحمد كما ذكرنا, قال المرداوي الحنبلي في الإنصاف: وَعَنْهُ لَا يُشْتَرَطُ نِيَّةُ الْإِمَامَةِ فِي الْإِمَامِ فِي سِوَى الْجُمُعَةِ .... وَعَلَى رِوَايَةِ عَدَمِ اشْتِرَاطِ نِيَّةِ الْإِمَامَةِ: لَوْ صَلَّى مُنْفَرِدًا وَصَلَّى خَلْفَهُ، وَنَوَى مِنْ صَلَّى خَلْفَهُ الِائْتِمَامَ صَحَّ وَحَصَلَتْ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ. اهـــ.
وهذا القول هو اختيار الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله تعالى ـ فقد قال في شرح الزاد: والقول الثاني في المسألة: أنَّه يصحُّ أن يأتمَّ الإنسان بشخص لم ينوِ الإمامة واستدلَّ أصحاب هذا القول: بأن النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم قام يُصلِّي في رمضان ذات ليلة فاجتمع إليه ناس فصلُّوا معه، ولم يكن قد عَلِمَ بهم، ثم صَلَّى في الثَّانية والثَّالثة وعَلِمَ بهم، ولكنه تأخَّر في الرَّابعة خوفاً من أن تُفرض عليهم وهذا قول الإمام مالك وهو أصحُّ، ولأن المقصود هو المتابعة وقد حصلت. اهــ.
وانظر الفتوى رقم: 72240، عمن اقتدى برجل وهو لا يعلم.
والله أعلم.