الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فخلوة الرجل بالمرأة الأجنبية حرام بلا خلاف بين العلماء، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: لاَ يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلاَّ وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ. متفق عليه.
والخلوة معناها: اجتماع الرجل والمرأة في موضع يأمنان فيه من دخول أحد عليهما، أو بحيث تحتجب أشخاصهما عن الناس قال ابن نجيم: فَفِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ إنْ كان لَا يَدْخُلُ عَلَيْهِمَا أَحَدٌ إلَّا بِإِذْنٍ فَهِيَ خَلْوَةٌ.
وقال البجيرمي: وضابط الخلوة اجتماع لا تؤمن معه الريبة عادة بخلاف ما لو قطع بانتفائها عادة فلا يعد خلوة.
وأما إذا كان بينهما حائل فقد نص الحنفية على انتفاء الخلوة به، جاء في رد المحتار: ولو طلقها بائنا وليس إلا بيت واحد يجعل بينهما سترة، لأنه لولا السترة تقع الخلوة بينه وبين الأجنبية وليس معهما محرم.
قال ابن عابدين: وَاَلَّذِي تَحَصَّلَ مِنْ هَذَا أَنَّ الْخَلْوَةَ الْمُحَرَّمَةَ تَنْتَفِي بِالْحَائِلِ، وَبِوُجُودِ مَحْرَمٍ أَوْ امْرَأَةٍ ثِقَةٍ قَادِرَةٍ.
وعليه، فإن كان اجتماع المرأة والرجل الأجنبي على السلم أو غيره بحيث يأمنان من دخول أحد عليهما فتلك خلوة محرمة جاء في تحفة المحتاج في شرح المنهاج وحواشي الشرواني والعبادي: وَفِي التَّوَسُّطِ عَنْ الْقَفَّالِ لَوْ دَخَلَتْ امْرَأَةٌ الْمَسْجِدَ عَلَى رَجُلٍ لَمْ تَكُنْ خَلْوَةً، لِأَنَّهُ يَدْخُلُهُ كُلُّ أَحَدٍ انْتَهَى، وَإِنَّمَا يُتَّجَهُ ذَلِكَ فِي مَسْجِدٍ مَطْرُوقٍ وَلَا يَنْقَطِعُ طَارِقُوهُ عَادَةً وَمِثْلُهُ فِي ذَلِكَ الطَّرِيقُ أَوْ غَيْرُهُ.
وننبه إلى أن اجتماع الرجل والمرأة الأجنبية على وجه فيه ريبة لا يجوز ولو انتفت الخلوة، فإن الشريعة جاءت بمنع الذرائع المفضية إلى الحرام، ولاريب أن فتنة النساء فتنة عظيمة، فالواجب الحذر من التهاون فيما قد يؤدي إلى الفتنة.
والله أعلم.