الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان حال أمك معك هو ما تذكرين، فلا شك في أن هذا من الابتلاء العظيم، وهنا تأتي عبادة مهمة وهي عبادة الصبر، ففيها من حسن العاقبة في الدنيا والآخرة ما فيها كرفعة الدرجات وتكفير السيئات، ويمكنك الاطلاع على بعض النصوص الواردة في فضل الصبر بالفتوى رقم: 18103.
وقد أحسنت فيما ذكرت من بقاء حق الأم في البر والإحسان وإن صدر منها من الإساءة ما صدر في حق أولادها، وهذا قد قررناه في كثير من فتاوانا، ونحيلك منها على الرقم: 21916.
فجزاك الله خيرا وزادك برا بأمك، وأصلح لك من شأنها، وكون الأم أما، وكون الشرع قد أوجب لها حق البر والإحسان لا يسوغ لها مثل هذه التصرفات معك أو مع أي من أولادها، وهي تأثم بذلك، لذلك ينبغي أن يبذل لها النصح بهذا الخصوص برفق ولين، والأولى أن يكون ذلك ممن يرجى أن يكون له وجاهة عندها، وأما أنت فما عليك إلا الصبر والحذر من الوقوع في كل ما يمكن أن يكون فيه عقوق لها، وينبغي أن تجتنبي كل ما يمكن أن يكون مستفزا لأمك وسببا في استثارة غضبها، ومجرد مناصحتك لها أو رفضك لضربها لك لا يعتبر عقوقا ما لم يخرج عن حد الأدب في أسلوبك معها، ونوصيك بالدعاء لها بخير، وأن تسألي الله تعالى أن يرزقها الحلم والأناة، وأن يذهب عنها سرعة الغضب وبذاءة اللسان وطيش التصرف، فقد قال سبحانه: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ {غافر:60}.
وراجعي آداب الدعاء بالفتوى رقم: 119608.
وعليك بالحرص على الاجتهاد في شغل وقتك بما ينفعك في دينك ودنياك، وعدم الاسترسال في التفكير فيما يحدث معك من قبل أمك، واحرصي أيضا على مصاحبة زميلاتك الصالحات ليكن عونا لك في شحذ همتك في سبيل النجاح وتجاوز الآثار النفسية لتصرفات أمك معك، واطلبي العون من الله أولا وآخرا، هذه بعض التوجيهات التي رأينا الكتابة بها إليك، ولو أنك راسلت قسم الاستشارات بموقعنا فربما وجدت إفادة وتوجيهات أكثر وأنفع، نسأل الله لنا ولك العون والسداد والتوفيق لما يرضي رب العباد.
والله أعلم.