الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الترغيب في الموت بالمدينة، وأنه يشفع لمن يموت بها، فقد روى الترمذي وابن ماجه وغيرهما عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من استطاع أن يموت بالمدينة فليمت بها فإني أشفع لمن يموت بها. ورواية ابن ماجه: من استطاع منكم أن يموت بالمدينة فليفعل، فإني أشهد لمن مات بها. صححه الألباني.
أما من مات خارجها ثم نقل إليها ودفن بها فله ـ إن شاء الله تعالى ـ مزية الدفن بالبقيع الذي ورد في فضله بعض الآحاديث والآثار، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 76083.
ولم نجد لأهل العلم نقلا جازما في كونه مثل من مات بها، وقد استظهر بعض العلماء أن يكون له حظ من الشفاعة المختصة بمن مات بها، قال المناوي في فيض القدير عند شرح الحديث المذكور: من استطاع أي قدر أن يموت بالمدينة أي أن يقيم فيها حتى يدركه الموت فليمت بها أي فليقم بها حتى يموت، فهو تحريض على لزوم الإقامة بها ليتأتى له أن يموت بها إطلاقا للمسبب على سببه، كما في: ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون { البقرة : 132} فإني أشفع لمن يموت بها، أي أخصه بشفاعة غير العامة زيادة في الكرامة ـ إلى أن قال: قال السمهودي: وفيه بشرى للساكن بها بالموت على الإسلام، لاختصاص الشفاعة بالمسلمين وكفي بها مزية، فكل من مات بها فهو مبشر بذلك، ويظهر أن من مات بغيرها ثم نقل ودفن بها يكون له حظ من هذه الشفاعة ولم أره نصا. انتهى.
والله أعلم.