الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإننا نوصيك أولا بأن تهون على نفسك، فإن هذا أدعى للتفكير السليم والبحث عن سبل السير في الطريق الصحيح، وأما القلق والتوتر فتأثيره سلبي غالبا، وأما الدياثة وهي الرضا بالخبث في الأهل فلا شك في أنها من الأمور الخطيرة ويكفي في بيان خطورتها الحديث الذي أشرت إليه، ولمزيد الفائدة راجع الفتوى رقم: 56653.
ويبدو لنا من خلال سردك أنك لست ديوثا، بل غيورا على أختك، بدليل أنك قد أنكرت عليها وسعيت في إصلاحها فلا تقلق إذن ولكن عليك بالاستمرار في نصحها برفق ولين، والدعاء لها بالتوبة والهداية عسى الله أن يحقق ذلك، وإن رجوت أن ينفعها الهجر فاهجرها، وإلا فالأفضل أن تسعى في تأليف قلبها عسى أن يكون ذلك سببا في التأثير عليها، وراجع ضوابط الهجر والتأليف بالفتوى رقم: 29790.
وبهذا تكون قد قمت بالواجب عليك.
وما دام أبوك حيا فهو وليها والمسئول عنها أمام الله، روى البخاري ومسلم عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: والرجل راع في أهله وهو مسئول عن رعيته.
فينبغي أن تذكر أباك بلطف ولين بهذه المسئولية، ويمكن أن تسلط عليه من يكون قوله مقبولا عنده، وأما ما ذكرت من كون أبيك قد تكلم معها بدبلوماسية بأن هذه الأمور ليس هذا وقتها إلخ، فقد يكون هذا منه على سبيل التدرج في الإصلاح، أما أن يكون ذلك منه إقرارا ورضى بهذا العمل بعد ذلك فلا ريب أنه كلام باطل، وهذا فيما يتعلق بالدياثة.
وأما العقوق فهو أمر خطير أيضا بدليل الحديث السابق، ولمزيد الفائدة يمكنك الاطلاع على الفتوى رقم: 17754.
وإذا كان هنالك من يصفك بالعقوق لمجرد قيامك بالإنكار على أختك والتوجيه الصحيح لها مع عدم رضا والديك بهذا التوجيه أو لتوجيهك لأبيك أو أمك ـ إن كان ذلك بأسلوب حسن ـ من أجل تأديب هذه الأخت، فليس هذا من العقوق في شيء فلا تهتم لهذا الأمر، وقد سبق أن بينا أن بذل النصح للوالدين ليس من العقوق، فراجع الفتوى رقم: 9930.
فعليك بالاستمر في النصح وتحري الحكمة والموعظة الحسنة، وأن تجتهد في أن تكون قدوة صالحة في أخلاقك وتعاملك حتى يقتدي بك الآخرون، وإياك ثم إياك أن تتكاسل في طاعة الله أو تتهاون مع صلاتك تحت أي ذريعة، وراجع الفتوى رقم: 12581.
والله أعلم.