الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فرزق الفقراء على خالقهم: وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ {هود:6}، وعلى من حولهم من المسلمين أن يواسوهم ويسدوا خلتهم ويطعموهم مما رزقهم الله، فإن للفقير المعسر حقا في مال الأغنياء الموسرين وهو فرض كفاية.
قال شيخ الإسلام: ومثل إطعام الجائع وكسوة العارى ونحو ذلك فهو فرض كفاية، فمن غلب ظنه أن غيره لا يقوم بذلك تعين عليه. اهـ.
ويتأكد هذا إذا كان جارا، فإن الجار المسلم له حقان حق الإسلام وحق الجوار، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ليس بالمؤمن الذي يبيت شبعانا وجاره جائع إلى جنبه. رواه الحاكم وغيره وصححه الألباني. وقال ـ رحمه الله ـ في السلسلة الصحيحة : وفي الحديث دليل واضح على أنه يحرم على الجار الغني أن يدع جيرانه جائعين، فيجب عليه أن يقدم إليهم ما يدفعون به الجوع، وكذلك ما يكتسون به إن كانوا عراة ونحو ذلك من الضروريات، ففي الحديث إشارة إلى أن في المال حقا سوى الزكاة، فلا يظنن الأغنياء أنهم قد برئت ذمتهم بإخراجهم زكاة أموالهم سنويا، بل عليهم حقوق أخرى لظروف وحالات طارئة من الواجب عليهم القيام بها وإلا دخلوا في وعيد قوله تعالى: والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم * يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون. اهـ.
وأما ما أقدمت عليه من أخذ مال قريبك بالحيلة فلا يجوز لك ولو كان قصدك بذلك ما ذكرت، فالغاية الحسنة لا تبرر الوسيلة المحرمة، ويلزمك أن ترد إلى قريبك ماله إلا إذا أعلمته بما فعلت وأبرأك منه فيسقط عنك حينئذ، وقد بينا حكم السرقة لمساعدة المحتاجين في الفتوى رقم: 28861.
والله أعلم.