الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ريب أن الواجب في مثل حالتك هذه تفادي دهس جثة الميت بالسيارة قدر المستطاع لأن حرمة الأموات كحرمة الأحياء، فقد أخرج أبو داود و ابن ماجه وغيرهم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن كسر عظم المؤمن ميتا مثل كسره حيا.
قال الحافظ ابن حجر في الفتح: يستفاد منه أن حرمة المؤمن بعد موته باقية كما كانت في حياته.
وقال الإمام الطيبي: إشارة إلى أنه لا يهان ميتا كما لا يهان حيا.
وأخرج الحاكم و الطبراني أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال لرجل رآه جالسا على قبر: لا تؤذ صاحب القبر.
قال الصنعاني في شرحه: نهي عن أذية المقبور من المؤمنين، وأذية المؤمن محرمة بنص القرآن: { وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً} (الأحزاب:58).
وروى ابن أبي شيبة عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: أذى المؤمن في موته كأذاه في حياته.
ولكن لو كان في تفادي دهس هذا الميت تعرض حياة الأحياء الذين معك للخطر المحقق فالمقدم هنا هو الحفاظ على حياة هؤلاء الأحياء لما في القواعد الفقهية أنه إذا تزاحمت المصالح أو المفاسد روعي أعلاها، بتحصيل أعلى المصالح ودرء أعلى المفاسد. ويرتكب أخف الضررين وأهون الشرين إذا كان لا بد من ارتكاب أحدهما.
وإذا فجأك وجود هذة الجثة في الطريق و لم تجد بدا عن إصابتها فلا إثم عليك ولا كفارة.
والله أعلم.