الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما الوسوسة فهي من أخطر الأدواء التي ينبغي للعبد الاجتهاد في مدافعتها ومحاولة التخلص منها، وانظري الفتويين: 51601، 134196.
وأما هذا الشعر المسؤول عنه فالظاهر أنه من الرأس.
قال ابن قدامة في المغني: ... فَأَمَّا الصُّدْغُ ، وَهُوَ الشَّعْرُ الَّذِي بَعْد انْتِهَاءِ الْعِذَارِ ، وَهُوَ مَا يُحَاذِي رَأْسَ الْأُذُنِ وَيَنْزِلُ عَنْ رَأْسِهَا قَلِيلًا ، وَالنَّزْعَتَانِ ، وَهُمَا مَا انْحَسَرَ عَنْهُ الشَّعْرُ مِنْ الرَّأْسِ مُتَصَاعِدًا فِي جَانِبَيْ الرَّأْسِ ، فَهُمَا مِنْ الرَّأْسِ.
وإذا كان هذا الشعر المسؤول عنه داخلا في حد الرأس بأن كان محاذيا لأعلى الأذن فإن هذا الشعر يجب مسحه مع الرأس لكونه من الرأس، وأما إن كان داخلا في حد الوجه فيجب غسله ولا يجوز الاقتصار على مسحه، وأما الاقتصار على مسح بعض الرأس فهو قول الشافعية والحنفية ورواية عن أحمد رجحها في حق المرأة خاصة كثير من الحنابلة.
قال ابن قدامة رحمه الله: وَمِمَّنْ قَالَ بِمَسْحِ الْبَعْضِ الْحَسَنُ وَالثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، إلَّا أَنَّ الظَّاهِرَ عَنْ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، فِي حَقِّ الرَّجُلِ، وُجُوبُ الِاسْتِيعَابِ، وَأَنَّ الْمَرْأَةَ يُجْزِئُهَا مَسْحُ مُقَدَّمِ رَأْسِهَا. قَالَ الْخَلَّالُ: الْعَمَلُ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهَا إنْ مَسَحَتْ مُقَدَّمَ رَأْسِهَا أَجْزَأَهَا. وَقَالَ مُهَنَّا: قَالَ أَحْمَدُ: أَرْجُو أَنْ تَكُونَ الْمَرْأَةُ فِي مَسْحِ الرَّأْسِ أَسْهَلَ. قُلْت لَهُ: وَلِمَ؟ قَالَ: كَانَتْ عَائِشَةُ تَمْسَحُ مُقَدَّمَ رَأْسِهَا. انتهى.
فإن أردت العمل بهذا القول فلا حرج عليك إن شاء الله، على أن القائلين بمسح جميع الرأس قد صحح كثير منهم أنه يعفى عن اليسير من ذلك وهو ما صوبه في الإنصاف، ولا شك في أن البياض الذي فوق الأذن من هذا اليسير الذي يرجى أن يكون معفوا عنه على هذا القول.
والله أعلم.