الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا في عدة فتاوى أن وقت الظهر ينتهي بمصير ظل كل شيء مثله من غير ظل الزوال، وعندها يبدأ وقت العصر فالعبرة بانتهاء الوقت هو هذه العلامة الشرعية وليس بمجرد أذان المؤذن, فإذا كان المؤذن يؤذن للعصر عند دخول وقته المحدد له شرعا فإن وقت الظهر ينتهي بذلك, وإذا كان المؤذن يؤذن للعصر قبل دخول وقته المحدد شرعا فإن وقت الظهر باق إلى مصير ظل كل شيء مثله، ويجوز لك أن تصلي الظهر قبل خروج وقته بعشر دقائق أو ربع ساعة، ولكن الأفضل أن تبادر إلى أدائها في أول وقتها، فإن هذا أبرأ للذمة وأسرع في أداء الواجب، وقد أثنى الله تعالى على من يسارع في الخيرات
وأما وقت العصر فينتهي إلى أن يصير ظل كل شيء مثليه من غير ظل الزوال, ولا يجوز تأخيرها إلى هذا الوقت إلا لضرورة، ويمتد وقت ضرورتها إلى غروب الشمس, وعندها يدخل وقت المغرب ويمتد إلى غياب الشفق الأحمر، وعندها يدخل وقت العشاء ويمتد إلى نصف الليل, وقيل إلى طلوع الفجر. وانظر الفتوى رقم: 40996، عن أوقات الصلوات الخمس.
وأما التخيير بين أخذ أقوال الشيخ ابن باز ـ رحمه الله تعالى ـ وبين أخذ فتوى موقع إسلامي تثق به فما دمت عاميا ليس عندك ما يؤهلك للنظر في الأقوال والترجيح بينها، وترى أن الشيخ ابن باز ـ رحمه الله تعالى ـ أعلم وأتقى وأوثق فإن فرضك في قول جمهور أهل العلم أن تأخذ بفتاواه وتترك فتاوى الموقع عند وجود تعارض بين الفتويين, جاء في الموسوعة الفقهية:
إن سأل المستفتي أكثر من مفت، فاتّفقت أجوبتهم، فعليه العمل بذلك إن اطمأنّ إلى فتواهم, وإن اختلفوا، فللفقهاء في ذلك طريقان: فذهب جمهور الفقهاء ـ الحنفيّة والمالكيّة وبعض الحنابلة وابن سريج والسّمعانيّ والغزاليّ من الشّافعيّة ـ إلى أنّ العامّيّ ليس مخيّراً بين أقوالهم يأخذ بما شاء ويترك ما شاء، بل عليه العمل بنوع من التّرجيح، ثمّ ذهب الأكثرون منهم إلى أنّ التّرجيح يكون باعتقاد المستفتي في الّذين أفتوه أيّهم أعلم، فيأخذ بقوله، ويترك قول من عداه, قال الغزاليّ: التّرجيح بالأعلميّة واجب، وقال الشّاطبيّ: لا يتخيّر، لأنّ في التّخيير إسقاط التّكليف، ومتى خيّرنا المقلّدين في اتّباع مذاهب العلماء لم يبق لهم مرجع إلاّ اتّباع الشّهوات والهوى في الاختيار، ولأنّ مبنى الشّريعة على قول واحد، هو حكم اللّه في ذلك الأمر، وذهب البعض إلى أنّ التّرجيح يكون بالأخذ بالأشدّ احتياطاً، وقال الكعبيّ: يأخذ بالأشدّ فيما كان في حقوق العباد، أمّا في حقّ اللّه تعالى فيأخذ بالأيسر, والأصحّ والأظهر عند الشّافعيّة وبعض الحنابلة: أنّ تخيّر العامّيّ بين الأقوال المختلفة للمفتين جائز، لأنّ فرض العامّيّ التّقليد، وهو حاصل بتقليده لأيّ المفتيين شاء. اهـ باختصار.
وأما تعمد تأخير الصلاة عن وقتها فالراجح أنه كبيرة من كبائر الذنوب ولا يصل إلى الكفر المخرج من الملة. وانظر الفتوى رقم 162523.
والله أعلم.