الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فرخص الجهاز مقارنة بقيمته لا يدل على أنه مسروق بالضرورة، كما أن الإنسان لا يلزمه البحث والتفتيش عن ملكية ما يعرض عليه، لكن إن تيقنت أو غلب على ظنك أن ما بيد البائع مسروق فلا يجوز لك أن تشتري منه، ومن أقدم على ذلك فهو أحد السارقين. لما في شرائها من إعانة السارق على الإثم والعدوان، الذي نهانا الله عنه بقوله: وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المائدة:2]، كما أن بيع المسروق لا يصح، لأن من شروط البيع ملك المبيع للبائع، والمال الذي هذا من شأنه لا تثبت ملكيته لآخذه.
قال عليش في فتاويه: مَسْأَلَةٌ فِي مُعَامَلَةِ أَصْحَابِ الْحَرَامِ: وَيَنْقَسِمُ مَالُهُمْ قِسْمَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ الْحَرَامُ قَائِمًا بِعَيْنِهِ عِنْدَ الْغَاصِبِ أَوْ السَّارِقِ أَوْ شِبْهَ ذَلِكَ: فَلَا يَحِلُّ شِرَاؤُهُ مِنْهُ, وَلَا الْبَيْعُ بِهِ إنْ كَانَ عَيْنًا وَلَا أَكْلُهُ إنْ كَانَ طَعَامًا, وَلَا لِبَاسُهُ إنْ كَانَ ثَوْبًا, وَلَا قَبُولُ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ هِبَةً, وَلَا أَخْذُهُ فِي دَيْنٍ, وَمَنْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ كَالْغَاصِبِ بِكَوْنِ الْحَرَامِ قَدْ فَاتَ فِي يَدِهِ, وَلَزِمَ ذِمَّتَهُ. اهـ.
كما ينبغي الاحتياط لمجرد الشك والريبة في شأن البائع؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: دع ما يريبك إلى ما لا يريبك. أخرجه النسائي والترمذي، وصححه عن الحسن بن علي رضي الله عنهما.
والله أعلم.