الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإزالة شعر العانة ونتف الإبط وتقليم الأظفار من خصال الفطرة التي ينبغي للمسلم أن يحافظ عليها، ولا ينبغي أن تترك أكثر من أربعين يوما، بل ينبغي فعلها إذا دعت الحاجة إليها قبل ذلك، قال المناوي في فيض القدير بعد أن ذكر استحباب قص الشارب ونتف شعر الإبط وحلق شعر العانة: وهذه الثلاثة لا تترك أكثر من أربعين يوما، لحديث أبي داود عن أنس: وقت لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في قص الشارب وتقليم الأظافر ونتف الإبط وحلق العانة أن لا تترك أكثر من أربعين ليلة ـ فهي مضبوطة بالحاجة، والأربعون غاية الترك، والأفضل فعلها في كل أسبوع ـ كما مر ـ فيندب تعهد ذلك كل جمعة، فإن لم يفعل فلا يهمله فوق أربعين. انتهى.
فإن حصلت صعوبة في حلق شعر العانة أو نتف الإبط، فيمكن الاقتصار على القص كما تمكن الاستعانة ببعض مزيلات الشعر التي صارت متوافرة، ولا تترك السنة، قال النووي: يحصل من مجموع هذا استحباب حلق جميع ما على القُبُل والدبر وحولهما، والأحسن في هذه السنة الحلق بالموسى، لأنه أنظف ويحصل بالقص بالمقص، وكذلك يحصل أصل السنة بالنتف واستعمال النورة ونحوها، إذ المقصود حصول النظافة. انتهى. فإذا وجدت مشقة معتبرة مع ذلك كله كحصول الألم الشديد مثلاً، فيكون الأمر حينئذ خارجًا عن الاستطاعة، والله تعالى يقول: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ { التغابن:16}.
مع التنبيه على أنه إذا طال شعرالإبط أو العانة وعلق به من الوسخ ما يعتبر حائلا يحول دون وصول الماء إلى البشرة فحينئذ لا بد من إزالة ذلك الوسخ وإلا لم يصح الغسل في حال وجوبه.
أما عن الحكمة من مشروعية خصال الفطرة: فهي ثابتة في السنة بدليل ما في الصحيحين من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: الفطرة خمس ـ أو خمس من الفطرة: الختان، والاستحداد، وتقليم الأظافر، ونتف الإبط، وقص الشارب.
وكل ما جاء في الشريعة الإسلامية من أمر أو نهي فهو لمصلحة الإنسان، علم ذلك من علمه وجهله من جهله، مع أن من حكمة ذلك النظافة المطلوبة شرعا كما هو ظاهر، وقد ذكر الحافظ ابن حجر أن الحكمة في نتف الإبط أنه محل للرائحة الكريهة، وإنما ينشأ ذلك من الوسخ الذي يجتمع بالعرق فيه فيتلبد ويهيج، فشرع فيه النتف الذي يضعفه فتخف الرائحة به بخلاف الحلق فإنه يقوي الشعر ويهيجه فتكثر الرائحة لذلك. وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 20236.
والله أعلم.