الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد :
فاعلم أخي السائل أن كل ما تتعب به نفسك من التلفظ بالنية أمر غير مشروع، بل هو محدث وبدعة في الدين عند كثير من العلماء، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى : بَلْ التَّلَفُّظُ بِهَا بِدْعَةٌ ؛ فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ وَالتَّابِعِينَ لَمْ يُنْقَلْ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَنَّهُ تَكَلَّمَ بِلَفْظِ النِّيَّةِ لَا فِي صَلَاةٍ وَلَا طَهَارَةٍ وَلَا صِيَامٍ قَالُوا : لِأَنَّهَا تَحْصُلُ مَعَ الْعِلْمِ بِالْفِعْلِ ضَرُورَةً فَالتَّكَلُّمُ بِهَا نَوْعُ هَوَسٍ وَعَبَثٍ وَهَذَيَانٍ، وَالنِّيَّةُ تَكُونُ فِي قَلْبِ الْإِنْسَانِ وَيَعْتَقِدُ أَنَّهَا لَيْسَتْ فِي قَلْبِهِ فَيُرِيدُ تحْصِيلَهَا بِلِسَانِهِ وَتَحْصِيلُ الْحَاصِلِ مُحَالٌ فَلِذَلِكَ يَقَعُ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ فِي أَنْوَاعٍ مِنْ الْوَسْوَاسِ ... اهـ من مجموع فتاواه , وقال أيضا في نفس المصدر :
فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ يَقُولُ قَبْلَ التَّكْبِيرِ شَيْئًا وَلَمْ يَكُنْ يَتَلَفَّظُ بِالنِّيَّةِ لَا فِي الطَّهَارَةِ وَلَا فِي الصَّلَاةِ وَلَا فِي الصِّيَامِ وَلَا فِي الْحَجِّ . وَلَا غَيْرِهَا مِنْ الْعِبَادَاتِ وَلَا خُلَفَاؤُهُ وَلَا أَمَرَ أَحَدًا أَنْ يَتَلَفَّظَ بِالنِّيَّةِ اهـ .
فصيامك صحيح ولو لم تتلفظ بالنية، والعبرة بما في قلبك لا بما قلته بلسانك وأخطأت فيه، فلا تكلف نفسك بما لم يكلفك ربك جل في علاه. وما ذكره لك صاحبك تطمينا وترقيعا لخطئك من أن اليوم الهجري يبدأ عند طلوع الفجر لا حاجة إليه لأن التلفظ بها غير مشروع في الأصل كما ذكرنا، والعبرة بنية القلب لا بقول اللسان، وقد سبق لنا أن بينا تحديد بداية ونهاية اليوم الشرعي في الفتويين: 31343، 26304. والشك في فساد الصوم لا يوجب فساده.
والله أعلم.