الإجابــة:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالشرك الخفي هو نوع من أنواع الشرك الأصغر، وهو الرياء كما فسره النبي صلى الله عليه وسلم، فقد روى
أحمد عن
محمود بن لبيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
"إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر. قالوا: وما الشرك الأصغر يا رسول الله؟ قال: الرياء.." .
ولمزيد الفائدة عن الرياء تراجع الفتوى رقم:
10992.
ومن الشرك الأصغر الحلف بغير الله، لما رواه
الترمذي وأبو داود ، وصححه
الحاكم وابن حبان عن عمران رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من حلف بغير الله، فقد كفر أو أشرك" .
ومنه التعلق بالأسباب غير المشروعة لجلب النفع، أو دفع الضر كتعليق التمائم ونحو ذلك، لما رواه أحمد والحاكم ورواته ثقات عن عقبة بن عامر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من علق تميمة، فقد أشرك" وهذا إذا لم يعتقد أنها تنفع وتضر مع الله، أما إذا اعتقد أنها تنفع وتضر مع الله فقد أشرك شركاً أكبر.
ومنه إسناد الحفظ أو الرعاية، ونحو ذلك إلى المخلوق، كقول الشخص: لولا الحارس لسرق المال، ولولا فلان لضللنا الطريق، ونحو ذلك.
قال عبد الله بن عباس رضي الله عنه في تفسير قوله تعالى: (فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَاداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) [البقرة:22] قال: الأنداد هو: الشرك أخفى من دبيب النمل على صفاة - حجارة - سوداء في ظلمة الليل، وهو أن تقول: والله وحياتك يافلانة، وحياتي. وتقول: لولا كلبة هذا لأتانا اللصوص، ولولا البط في الدار لأتى اللصوص، وقول الرجل: ما شاء الله وشئت، وقول الرجل: لولا الله وفلان، لا تجعل فيها فلان (أي لا تجعل في هذه الكلمة فلان، فتقول: لولا الله وفلان، بل قل: لولا الله وحده). هذا كله به شرك. رواه ابن أبي حاتم وسنده جيد.
وروى أحمد والطبراني عن أبي موسى قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقال: "يا أيها الناس اتقوا هذا الشرك، فإنه أخفى من دبيب النمل، فقال له من شاء الله أن يقول: وكيف نتقيه وهو أخفى من دبيب النمل يا رسول الله. قال: قولوا: اللهم إنا نعوذ بك أن نشرك بك شيئاً نعلمه، ونستغفرك لما لا نعلمه" .
ومنه - الشرك الأصغر - عطف مشيئة العبد على مشيئة الله بحرف الواو، كقول الشخص: ما شاء الله وشئت، كما سبق في كلام ابن عباس ولكن تعطف مشيئة العبد على مشيئة الله بحرف ثم، لما رواه أحمد وابن ماجه والنسائي وصححه عن قتيلة بنت صيفي أن يهودياً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إنكم تنددون! وإنكم تشركون! تقولون: ما شاء وشئت، وتقولون: والكعبة، فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم إذا أرادوا أن يحلفوا أن يقولوا: ورب الكعبة، ويقول أحدهم: ما شاء الله، ثم شئت، والفرق بينهما أن العطف بالواو يقتضي المشاركة والعطف بثم يقتضي التبعية، ومشيئة العبد تابعة لمشيئة الله لا مشاركة لها، كما قال تعالى: (وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ) [الإنسان:30] .
وأما النجاة من الشرك الأصغر، فتتلخص في الآتي:
1- الإكثار من الدعاء الذي علمه النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه أن يقولوه ليتقوا هذا الشرك، وقد سبق ذكره.
2- أن يستشعر العبد قبح الشرك مهما صغر.
3- أن يستشعر أنه يحبط العمل الذي يخالطه أو ينقص ثوابه.
4- أن يعلم المرائي بعبادته أو خدمته للناس أنهم متى ما عرفوا أنه يريد ثناءهم ومدحهم، ونحو ذلك سقط من أعينهم، وربما ازدروه، وأصبح لا قيمة له بينهم.
والله أعلم.