الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على المسلم أن يجتهد في عبادة ربه تعالى، جامعا في ذلك بين الخوف والرجاء، فيخاف أن يحبط عمله وهو لا يشعر، وأن يرد عليه سعيه من حيث لا يحتسب، ويرجو فضل ربه ومغفرته ويعلم أنه لا نجاة له بسعيه وعمله، وأن عمله إنما هو سبب لنيل رحمة الله تعالى، وأن النجاة إنما هي برحمته تعالى، فلا يصيبه العجب لعلمه أنه مهما بذل واجتهد فهو مقصر، ولا يركن إلى الرجاء وحده، ولا يعبد الله بالخوف وحده، وقد كان الصالحون كلما اجتهدوا في العبادة كلما ازداد خوفهم، كما أن حسن الظن بالله يستلزم حسن العمل والاجتهاد في مراضيه سبحانه، وقد بينا هذه المعاني التي أجملناهاهنا في فتاوى كثيرة، ونحيلك منها للفائدة على الفتاوى التالية أرقامها: 151803، 143897، 142679.
فعليك أيتها الأخت الفاضلة أن تجتهدي في طاعة ربك تعالى، وأن تتوبي إليه من جميع الذنوب حذر أن يبغتك الأجل قبل تحقيق التوبة، ثم اجمعي في طريق سيرك إلى ربك تعالى بين هذين الركنين اللذين هما الخوف والرجاء، فلا تأمني مكر الله، وتظني أنك استوجبت بعملك شيئا، ولا تقنطي من رحمة الله وتيأسي من روحه، بل تسيئين الظن بنفسك، وتحسنين الظن بربك وتبذلين في الطاعة وسعك.
وأما محبة الله للعبد فعلامتها أن يوفق الله العبد لمراضيه، ويأخذ بناصيته إليه، ويعينه على طاعته، ويقيمه في ساحة عبوديته كما قال بعضهم: إذا أردت أن تعرف مقامك فانظر أين أقامك.
وأما طريق التقرب إلى الله تعالى فواضح لا خفاء به، وذلك هو لزوم شرعه والاجتهاد في عبوديته، فيتعلم العبد العلم النافع، ويعمل بما تعلمه، ويحافظ على الفرائض، ويفعل ما قدر عليه من المستحبات، ويترك المحرمات، ويجتهد في اجتناب المكروهات.
والله أعلم.