الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، وبعـد:
فإن من حلف أن لا يفعل شيئاً محرما فيجب عليه الوفاء والالتزام بما حلف عليه؛ طاعة لله تعالى واجتنابا للمحرمات، وإن غلبته نفسه ففعل ما حلف على تركه فعليه الكفارة، قال ابن قدامة في المغني: ولا خلاف في هذا عند فقهاء الأمصار. اهـ وحكى عن ابن عبد البر الإجماع على وجوب الكفارة في ذلك، وكفارة اليمين، هي إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، أو تحرير رقبة، فإن لم يجد صام ثلاثة أيام، لقوله تعالى: فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ { المائدة:89}.
فإذا تأكدت أنك عجزت عن الإطعام والكسوة والعتق فانتقل للصيام، كما قال ابن قدامة في المغني: فإن لم يجد من هذه الثلاثة واحداً، أجزأه صيام ثلاثة أيام متتابعة، يعني إن لم يجد إطعاماً ولا كسوة ولا عتقاً انتقل إلى صيام ثلاثة أيام، لقول الله تعالى: لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ ـ وهذا لا خلاف فيه. انتهى.
وأما ضابط العجز: فقد جعله بعضهم ما يزيد على القوت اليومي للإنسان ومن تجب عليه نفقته، وبعضهم جعل الضابط هو كون الإنسان مصرفا للزكاة، قال ابن قدامة في المغني: ويكفر بالصوم من لم يفضل عن قوته وقوت عياله، يومه وليلته، مقدار ما يكفر به، إلى أن قال: ويعتبر أن لا يجد فاضلاً عن قوته وقوت عياله يومه وليلته، قدراً يكفر به، وهذا قول إسحاق ونحوه قال أبو عبيد، وابن المنذر، وقال الشافعي: من جاز له الأخذ من الزكاة لحاجته وفقره، أجزأه الصيام، لأنه فقير. انتهى.
وبناء عليه، فإن كنت ممن تحل له الزكاة فيجوز لك العدول عن الإطعام إلى الصوم بناء على قول الشافعي خلافا للجمهور.
والله أعلم.