الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، وبعـد:
فقد سبق لنا بيان ما بين الإسلام والديموقراطية من اختلاف ومنافاة في عدة فتاوى منها الفتويين رقم: 10238 64323
وجواب هذا الشخص وقد سئل عن دينه: ديني الديمقراطية، ديني الأول، اعتقادي، أسلوب حياتي هي الديمقراطية ـ فيه شطط جليٌّ ظاهر، كيف وقد قال تعالى: إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ { آل عمران: 19}.
وقال سبحانه: وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ { آل عمران: 85}.
وقال عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ { البقرة: 208}.
وقال تبارك وتعالى: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا { المائدة : 3}.
فمن قال هذه العبارة المشينة قاصدا مختارا معتقدا للمعنى الباطل المنافي للإسلام في الديمقراطية، فقد رفض الإسلام وأعرض عنه واتبع غير سبيل المؤمنين، وقد قال تعالى: وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا { النساء: 115}.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من حلف على ملة غير الإسلام فهو كما قال. متفق عليه.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: من قال بلسانه كلمة الكفر من غير حاجة عامدا لها، عالما بأنها كلمة كفر، فإنه يكفر بذلك ظاهرا وباطنا. اهـ.
بل قد صرح أهل العلم بأن من قال كلمة الكفر مختاراً كفر بذلك، ولو لم يعتقد معناها، وراجع تفصيل ذلك ونصوص أهل العلم فيه، في الفتاوى التالية أرقامها: 129105 128480 26496.
وهذا كله في الحكم العام لا الحكم على المعين، فالمقصود بيان حكم القول لا القائل، فإن الحكم على المعين بالكفر ليس بالأمر الهين، ولا يجوز أن يتعرض له إلا ذوو الشأن من أهل العلم الراسخين، فليس كل من وقع في الكفر وقع الكفر عليه، لمكان الجهل والتأويل وغير ذلك من عوارض الأهلية وموانع التكفير، وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 721 106396 53835.
فقد يكون القائل استعمل الديمقراطية من منظوره الخاص، لا بمعناها العام عند أهلها، فإن للديمقراطية جانبا يقره الإسلام، وهو إعطاء الأمة حق الاختيار في تولية حكامها ومحاسبتهم والرقابة عليهم، وهذا حق معلوم وظاهر في نصوص الشرع من كتاب وسنة، كما سبق التنبيه عليه في الفتوى رقم: 139772.
وعلى أية حال، فلا بد من مناصحة هذا القائل وتوجيهه إلى الاعتزاز بدينه ورفع شأنه، فما من منفعة في أي نظام غربي أو شرقي إلا وفي الإسلام وشريعته مثلها، أو أعلى منها، علم بذلك من علم وجهله من جهل، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد رسولا. رواه مسلم.
وقال أيضا صلى الله عليه وسلم: من قال: رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد رسولا، وجبت له الجنة. رواه أبو داود والنسائي، وصححه الألباني.
والله أعلم.