الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن من المعلوم أن علماء الحديث يختلفون في الحكم على كثير من الأحاديث، كما يختلف غيرهم من علماء الفنون الأخرى.
وطالب العلم إن كان قد وصل إلى درجة يستطيع فيها النظر في الأقوال المختلفة، وحصلت له الملكة في هذا الشأن بحيث يظهر له قوة قول من الأقوال فإنه يعمل بما ظهر له.
وأما إن كان مبتدئا في هذا الشأن أو كان عاميا لا يفهم مصطلحات هذا العلم وطرق الترجيح فيه، فشأنه أن يقلد من يوثق بقوله من الأئمة، وليتنبه إلى الحديث المختلف في صحته، إن كان في باب الفضائل ونحوها ولم يكن في باب العقائد أو الحلال والحرام فالخطب فيه يسير، فإن كثيرا من الأئمة سهلوا في رواية الضعيف في هذا.
كما يتنبه إلى أنه ليس كل من تصدى للتصحيح والتضعيف يعتبر قوله في الوفاق والخلاف، وإنما التعويل في ذلك على أقوال الأئمة المشهود لهم بالحذق والدراية، والذين تضلعوا من هذا العلم، والشأن ما قاله العراقي في ألفيته:
فاعن به ولا تخض بالظن * ولا تقلد غير أهل الفن.
فليحرص اللبيب على تقليد الجهابذه النقاد من كبار حفاظ الإسلام، وليجانب متابعة أقوال أدعياء العلم الذين ينسبون أنفسهم لهذا الشأن وليسوا منه، وإنما هم متطفلون عليه.
والله أعلم.