الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسخ البرامج المحمية دون إذن أصحابها محرم لما فيه من الاعتداء على حقوقهم لو لم يكن معها أداء قسم أو غيره .
والحالف إن كان يعلم أنه كاذب في حلفه فإن ذلك من الكبائر, لما رواه مسلم من حديث عبدالله بن عمر رضي الله عنه قال: جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ما الكبائر ؟ فذكر الحديث ومنها اليمين الغموس.
وفي معجم الطبراني الأوسط بسند رجاله موثوقون : أكبر الكبائر : الشرك بالله , واليمين الغموس .
قال ابن قدامة في المغني: وسميت بالغموس لأنها تغمس صاحبها في الإثم وقيل في نار جهنم .
فإذا اجتمع الاعتداء على حق الغير والقسم الكاذب كانت ظلمات بعضها فوق بعض، لكن بعض البرامج ليس فيها أداء قسم وبالتالي فنسخها للنفع الشخصي أخف من نسخ ما كانت تتضمن أداء قسم كاذب.
وبهذا يتبين لك الجمع بين ما أشرت إليه في الفتاوى التي بينا فيها أن الأحوط للمسلم أن لا يشتري الأقراص المنسوخة ولا يستعملها ولا ينسخها حتى للنفع الشخصي خروجا من الخلاف . فإن تعذر الحصول على النسخ الأصلية فلا حرج في اقتناء الإسطوانات المنسوخة, ما لم يؤد إلى القسم الكاذب. لأن القسم الكاذب بذاته محرم ولو لم يصحبه نسخ تلك البرامج، ومن هنا فإن البرامج المحمية التي تتضمن قسما يعتبر نسخها دون حق أشد من غيرها .
وأما كون وثيقة الاستخدام التي توقع عليها المرء مكتوبة بلغة لا يفهمها فإذا وقع عليها وكانت تتضمن يمينا فإنه معذور بجهله ولا يعتبر حالفا على الكذب وليست كل البرامج تتضمن قسما .
فالمنع من نسخ البرامج المحمية ليس فيه تضييق وإعنات وإنما هو حفظ لحقوق الناس من الاعتداء، وما ذكرته من الضرورات وإباحة لحم الخنزير في المجاعة بعيد عما نحن بصدده، ومع ذلك لو وجدت ضرورة فعلا لنسخ برنامج أو غيره دون إذن صاحبه فإنه يباح له النسخ ويضمن ما فوته من منفعة على صاحبه ما لم يبرئه منه.
والله أعلم.