الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعـد:
فإن كون التسمية عند الوضوء، والغسل، وكذلك المضمضة، والاستنشاق غير واجبة عند الجمهور، لا يعني أنه يشرع تعمد تركها، فهي سنن ثابتة في السنة: من قول النبي صلى الله عليه وسلم، وفعله، ولا ينبغي للمسلم تركها، ولا التفريط فيها، لا سيما وأن من أهل العلم من يرى وجوبها.
ومع ذلك؛ فإن تركها لا يؤثر على صحة الطهارة، ولا الصلاة، ولا يوجب إعادة الصلوات التي أديت بطهارة لم يسم الله عندها، أو لم يؤتَ بالمضمضة، والاستنشاق فيها، لا سيما إذا استند إلى القول بعدم وجوب ما ذكر، وهو قول الجمهور، لكن طهارته غير مكتملة من ناحية السنن، والمستحبات.
أما قبول الصلاة بمعنى الإثابة عليها، فالعلم فيه عند الله سبحانه وتعالى، قال النووي في المجموع: فرع: قد ذكرنا أن التسمية سنة، وليست بواجبة، فلو تركها عمدًا، صح وضوؤه. هذا مذهبنا، وبه قال مالك، وأبو حنيفة، وجمهور العلماء، وهو أظهر الروايتين عن أحمد، وعنه رواية أنها واجبة. انتهى.
وقال أيضا: المسألة الخامسة: في مذاهب العلماء في المضمضة، والاستنشاق، وهي أربعة:
أحدها: أنهما سنتان في الوضوء، والغسل، هذا مذهبنا، وحكاه ابن المنذر عن الحسن البصري، والزهري، والحكم، وقتادة، وربيعة، ويحيى بن سعيد الأنصاري، ومالك، والأوزاعي، والليث، ورواية عن عطاء، وأحمد.
والمذهب الثاني: أنهما واجبتان في الوضوء، والغسل، وشرطان لصحتهما، وهو مذهب ابن أبي ليلى، وحماد، وإسحاق، والمشهور عن أحمد، ورواية عن عطاء.
والثالث: واجبتان في الغسل دون الوضوء، وهو قول أبي حنيفة، وأصحابه، وسفيان الثوري.
والرابع: الاستنشاق واجب في الوضوء، والغسل، دون المضمضة، وهو مذهب أبي ثور، وأبي عبيد، وداود، ورواية عن أحمد، قال ابن المنذر: وبه أقول. انتهى.
وعليه؛ فإن الراجح في التسمية أنها سنة عند جمهور العلماء، وتسقط سهوًا حتى على القول بوجوبها، وهو قول الحنابلة، كما سبق بيانه في الفتوى: 124839.
وكذلك المضمضة، والاستنشاق، فإن الراجح فيهما السنية، وليس الوجوب، كما سبق بيانه في الفتوى: 136296.
أما عن الجزء الأخير من السؤال، فإنه لا حرج في غسل الجسم كله، أو بعضه؛ لأجل النظافة، أو التبرد، كما لا تشترط النية لذلك أيضًا.
والله أعلم.