الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد بينا في الفتوى رقم: 127346أن عورة المرأة مع أختها المسلمة من السرة إلى الركبة, وهذا غير متفق عليه، لكنه هو الراجح، وخالف في ذلك بعض أهل العلم فذهبوا إلى أن عورة المرأة مع المرأة كعورة الرجل مع محارمه، جاء في البحر الرائق: وعن الإمام أن نظر المرأة إلى المرأة كنظر الرجل إلى محارمه فلا يجوز لها أن تنظر إلى الظهر والبطن. انتهى.
ونفس السرة والركبة لا يدخلان في العورة, كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 19890.
لكن الشرع الحنيف يحث على الحياء والتستر حتى بين النساء بعضهن على بعض، ولم تجر العادة أن تستر المرأة المسلمة أمام بنات جنسها المسلمات ما بين السرة والركبة فقط وتكشف ما عدا ذلك، فهذا من التهتك المذموم ومن خوارم المروءة وقبائح العادات, وقد يؤدي إلى فتنة المرأة بالمرأة ويكون ذريعة إلى كثير من الشر والفساد فينبغي التنبه لهذا جيدا، ويراجع في ذلك الفتويان رقم: 12312ورقم: 2951.
وأما ارتداء المرأة أمام النساء المسلمات فستانا يظهر شيئا من صدرها فهذا لا حرج فيه ـ إن شاء الله ـ لأن هذا ليس من العورة ولكن بشرط أمن الفتنة, وتركه أولى.
وأما لبس فستان قصير جدا فوق الركبة وستر هذا الجزء ببنطال ضيق: فهذا لا يجوز لبسه إلا للزوج وحده، وبهذا أفتى أهل العلم في سائر الملابس الضيقة التي تجسم العورة وتبرزها، يقول ابن عثيمين ـ رحمه الله: لبس الملابس الضيقة التي تبين مفاتن المرأة، وتبرز ما فيه الفتنة: محرم، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: صنفان من أهل النار لم أرهما بعد: رجال معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس - يعني: ظلماً وعدواناً - ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات ـ فقد فُسِّر قوله: كاسيات عاريات: بأنهن يلبسن ألبسة قصيرة، لا تستر ما يجب ستره من العورة، وفسر: بأنهن يلبسن ألبسة خفيفة لا تمنع من رؤية ما وراءها من بشرة المرأة، وفسرت: بأن يلبسن ملابس ضيقة، فهي ساترة عن الرؤية، لكنها مبدية لمفاتن المرأة، وعلى هذا: فلا يجوز للمرأة أن تلبس هذه الملابس الضيقة، إلا لمن يجوز لها إبداء عورتها عنده، وهو الزوج. انتهى.
ومن كلام الشيخ يتبين معنى الكاسيات العاريات في الحديث ويعلم أيضا حكم لبس البنطال الضيق سواء لبس وحده بحيث يكون ظاهرا، أو لبس تحت ثوب قصير لا يغطي إلا المؤخرة فقط.
والله أعلم.