الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل الله سبحانه أن يجزيك خيرا على إحسانك لهذا الطفل، وقيامك على تربيته ورعايته، فهذا عمل من الأعمال الصالحات التي تقرب إلى الله سبحانه. جاء في فتوى اللجنة الدائمة للبحوث والإفتاء " إن مجهولي النسب في حكم اليتيم لفقدهم لوالديهم، بل هم أشد حاجة للعناية والرعاية من معروفي النسب، لعدم معرفة قريب يلجؤون إليه عند الضرورة، وعلى ذلك فإن من يكفل طفلا من مجهولي النسب فإنه يدخل في الأجر المترتب على كفالة اليتيم؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا. وأشار بالسبابة والوسطى، وفرج بينهما شيئا. رواه البخاري. اهـ.
وقد سبق أن بينا في الفتوى رقم: 27077، أن أجر كافل اللقيط كأجر كافل اليتيم.
ولكن لا بد أن نفرق في هذا المقام بين حالتين:
الحالة الأولى: ما إذا كنت قد أرضعت هذا الطفل - وهو دون العامين - خمس رضعات مشبعات فإنه حينئذ يكون ابنا لك من الرضاعة، ويكون زوجك أبا له من الرضاعة، وسائر أولادك بنين وبنات إخوة له من الرضاعة، وهذا كله ثابت شرعا بقوله صلى الله عليه وسلم "يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب " متفق عليه.
وحينئذ فلا حرج في إقامة هذا الطفل معكم واختلاطه بكم، لكن يبقى الحرج الوحيد فيما إذا كنتم قد ألحقتم نسب هذا الولد بزوجك، لأن هذا الفعل غير جائز، إذ هو مخالفة صريحة لقوله تعالى: ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً {الأحزاب:5}
وقد سبق أن بينا في الفتوى رقم: 24944، أن مجهول النسب لا ينسب إلى شخص معين، وإنما يختار له اسما عاما كفلان بن عبد الله أو ابن عبد الرحمن ونحو ذلك.
الحالة الثانية: إذا كنت لم ترضعي هذا الولد، أو أرضعته دون الخمس رضعات، أو أرضعته خمس رضعات ولكن بعد أن تجاوز سن الرضاع المحرم وهو العامين، وفي هذه الحالة فإنه يكون أجنبيا عنكم فيجب عليكم إذا بلغ أو قارب البلوغ أن تحتجبي منه أنت وبناتك.
والواجب عليكم في كل الأحوال إن كنتم قد نسبتم هذا الولد لزوجك أن تحتالوا لتغيروا ذلك بالطريقة التي تناسب ظروفكم وأعرافكم . وإذا كان في فعل هذا ضرر محقق يلحقك أو يلحق زوجك كما ذكرت من أمر القتل أو الأذى الشديد، فلا بأس بترك الأمر على ما هو عليه حتى تأتي الفرصة المناسبة لتغيير ذلك ورد الأمور إلى حقائقها. وراجعي الفتوى رقم: 9619.
والله أعلم.