الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالقبض في كل شيء بحسبه، والعرف فيه معتبر. قال النووي في المجموع: الرجوع فيما يكون قبضا إلى العادة، وتختلف بحسب اختلاف المال. اهـ
وجاء في مجلة المجمع الفقهي الإسلامي 6/1/453: إن كيفية قبض الأشياء تختلف بحسب حالها واختلاف الأعراف فيما يكون قبضا لها، فكما يكون القبض حسيا في حالة الأخذ باليد أو النقل أو التحويل إلى حوزة القابض أو وكيله، يتحقق أيضا اعتبارا وحكما بالتخلية مع التمكين من التصرف، ولو لم يوجد القبض حسا، بما في ذلك المنقولات إذا جرى بها العرف يعد قبضا حكميا، تسلم البنك أو وكيله لمستندات الشحن عند شراء البضائع من السوق الخارجية، وكذلك تسلمه لشهادات التخزين التي تعين البضاعة من المخازن التي تدار بطرق مناسبة موثوق بها. فرز البضاعة المشتراة من قبل البنك في مخازن البائع بصورة مميزة يعد قبضا صحيحا لها إذا اقترن بأحد الأمور الآتية : أ- إذا تم الفرز بمعاينة مندوب البنك. ب- إذا تسلم البنك أوراقا تثبت ملكيته للسلع المفرزة. ت- إذا كانت السلع مرقمة وسجلت أرقام السلع المفرزة لصالح البنك. اهـ
وفي الموسوعة الفقهية الكويتية 9/132/134. بتصرف يسير: وبما أن قبض الأشياء مبني على العرف، فإن قبض الأشياء المستجدة يكون أيضا حسب ما يتعارفه الناس، فهنالك صور للقبض مستحدثة كما في قبض الشيكات والكمبيالات والقيد على الحساب ووثائق الشحن ونحوها. وقد جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي بشأن القبض وبخاصة صوره المستجدة ما يلي:
أولا : قبض الأمور كما يكون حسيا في حالة الأخذ باليد أو الكيل أو الوزن في الطعام، أو النقل والتحويل إلى حوزة القابض، يتحقق اعتبارا وحكما بالتخلية مع التمكين من التصرف ولو لم يوجد القبض حسا. وتختلف كيفية قبض الأشياء بحسب حالها واختلاف الأعراف فيما يكون قبضا لها.
ثانيا : إن من صور القبض الحكمي المعتبرة شرعا وعرفا :
1- القيد المصرفي لمبلغ من المال في حساب العميل في الحالات التالية :
أ- إذا أودع في حساب العميل مبلغ من المال مباشرة أو بحوالة مصرفية.
ب- إذا عقد العميل عقد صرف ناجز بينه وبين المصرف في حال شراء عملة بعملة أخرى لحساب العميل.
ج- إذا اقتطع المصرف - بأمر العميل - مبلغا من حساب آخر بعملة أخرى في المصرف نفسه أو غيره لصالح العميل أو لمستفيد آخر. وعلى المصارف مراعاة قواعد عقد الصرف في الشريعة الإسلامية. ويغتفر تأخير القيد المصرفي بالصورة التي يتمكن المستفيد بها من التسلم الفعلي للمدد المتعارف عليها في أسواق التعامل على أنه لا يجوز للمستفيد أن يتصرف في العملة خلال المدة المغتفرة إلا بعد أن يحصل أثر القيد المصرفي بإمكان التسلم الفعلي.
2- تسلم الشيك إذا كان له رصيد قابل للسحب بالعملة المكتوب بها عند استيفائه وحجزه المصرف.
والوكيل يقوم مقام موكله في ذلك والوسيط المالي يعتبر وكيلا . والأشياء التي ذكرتها ليست على السواء في اشتراط التقابض فيها بمجلس العقد، فالقهوة والسكر والنفط لا يشترط التقابض فيها بمجلس العقد. وانظر الفتوى رقم : 130307.
وأما الذهب والفضة فيشترط فيهما ذلك، وقد يكون هذا متعذرا تحققه من خلال المعاملة بالانترنت كما بينا في الفتويين رقم : 94817,31760.
وأما إذا تحققت الضوابط الشرعية لجواز بيعه وشرائه، واجتنبت المحاذير فيه، فلا حرج في التعامل فيه سواء أكان ذلك عن طريق الانترنت الوسيط المالي أو مباشرة. وللمزيد حول معاملة الوسيط المالي المذكور انظر الفتوى رقم: 140873 .
والله أعلم.